للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله تعالى، فلا يسقط عنه صلاة، ولا صيام، ولا زكاة، ولا حج، وذمته صالحة لأن تكون مشغولة بالتكاليف، مع أن حق الله مبني على المسامحة، قال القرافي في الذخيرة: «السفيه البالغ يلزمه جميع حقوق الله تعالى التي أوجبها على عباده في بدنه وماله .. » (١)، فإذا وجب عليه حقوق الله تعالى فالتصرف في ماله أخف، أرأيت الصبي الذي لم يبلغ لا يجب عليه شيء من حقوق الله، وإذا تصرف بإذن وليه جاز، فلما كان السفيه مكلفًا في حقوق الله دل على أن أهليته كاملة لأن يتصرف في ماله بيعًا وشراء ونحوهما.

[الدليل السادس]

بأن الحجر على الحر البالغ العاقل إهدار لآدميته، وإلحاق له بالبهائم، وهو أشد ضررًا من التبذير، أو من الضرر اللاحق بالغرماء، ولا يجوز تحمل الضرر الأعلى لدفع الضرر الأدنى (٢).

[ويجاب]

بأن الحجر عليه مراعاة لمصلحته، فإنه لو ترك له التصرف أهلك ماله، فدفعه إلى الحاجة، فإذا حفظ ماله، وأنفق عليه منه على قدر حاجته لم يحتج لأحد، واستغنى عن الناس بماله.

دليل أبي حنيفة على دفع المال إليه إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة ولو كان سفيهًا:

أن الحجر عليه إن كان من قبيل التعزيز على تبذيره المال، فإنه إذا بلغ خمسًا


(١) الذخيرة (٨/ ٢٤٧ - ٢٤٨)، وانظر مواهب الجليل (٥/ ٦١).
(٢) انظر المبسوط (٢٤/ ١٦٠ - ١٦١، ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>