للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= النوع الثاني من الغلط: غلط يبطل العقد بطلاناً نسبيًا.
وهو الغلط الذي يفسد الرضا: أي يعيبه دون أن يعدمه، فيجعل العقد باطلًا بطلانًا نسبيًا. وفي تعبير قانون الموجبات اللبناني يجعل العقد قابلًا للإبطال، يعني: وليس باطلًا. ويشترط في هذا الغلط أن يكون غلطًا جوهريًا وقد نص القانون المصري ونقلناه سابقًا في مادة (١٢٠): إذا وقع المتعاقد في غلط جوهري جاز له أن يطلب إبطال العقد.
كما نص في مادته (١٢١) يكون الغلط جوهريًا إذا بلغ حدًا من الجسامة، بحيث يمتنع معه المتعاقد من إبرام العقد لو لم يقع في هذا الغلط.
وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي (فوات الوصف المرغوب فيه) كالغلط الذي يقع في مادة الشيء موضوع الالتزام الناشئ من العقد، فلو اشترى شخص حليًا من ذهب، فتبين أنها من فضة مذهبة، فالعقد في هذه الحالة يكون باطلًا بطلانًا نسبيًا لمصلحة المشتري.
ومثله الغلط الذي يقع في شخص المتعاقد إذا كانت شخصيته محل اعتبار، كما في عقود التبرع مثلًا، فإذا وقع غلط في شخص الموهوب له كان العقد باطلًا بطلانًا نسبيًا لمصلحة من كان ضحية لذلك الغلط، بمعنى أن العقد يكون صحيحًا نافذًا، ولكنه غير لازم، حيث يكون للعاقد خيار الفسخ، إن شاء فسخ العقد، وإن شاء أمضاه، فالغلط هنا يعيب الإرادة، ولكن لا يمس وجودها، فهو لا يمنع من وجود العقد صحيحًا، وإنما يكون من شأنه أن يجعل العقد موقوفًا على إجازة العاقد.
النوع الثالث من الغلط: الغلط غير المؤثر. كما لو كان الغلط في وصف غير جوهري، كما لو اشتريت كتابًا مطبوعًا على ورق أصفر، بينما كنت تريد أن يكون مطبوعًا على ورق أبيض.
ومثله الغلط في قيمة الشيء، ما لم يبلغ حد الغبن الفاحش، فالغلط في القيمة لا يكون سببًا لبطلان العقد وإنما يجوز في حالات خاصة - عند حصول غبن فاحش - طلب البطلان، وأما كون الغبن غير فاحش فلا يؤثر في صحة العقد.
ومثله الغلط في شخص المتعاقد إذا لم تكن شخصيته محل اعتبار في العقد، كما لو باع تاجر شيئًا لأحد عملائه، وكان يعتقد أنه عميل آخر، فهذا الغلط لا أثر له في صحة العقد.
ومثله الغلط في الأرقام والحساب، فلا يؤثر ذلك في صحة العقد، وإنما يجب إجراء التصحيح في الغلط الحسابي على اعتبار أنه خطأ مادي صرف، لا يعيب الرضا، ويسري هذا الحكم على العقود كافة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>