للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان واجبًا وإلا فلا. ونقل الإجماع على هذه القاعدة الشافعي رضي الله عنه في رسالته، والغزالي في إحياء علوم الدين .. » (١).

والأصل أن الجهل يرفع الإثم.

قال السيوطي: «اعلم أن قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقًا .. » (٢).

«وإعذار الجاهل إنما هو من باب التخفيف، لا من حيث جهله، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: لو عذر الجاهل لأجل جهله، لكان الجهل خيرًا من العلم، إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف ويريح قلبه من ضروب التعنيف» (٣).

وهل يرفع الجهل الحكم المترتب، كما لو باع بيعًا يشترط في صحته القبض، ولم يتقابضا جهلًا منهما بوجوبه؟ أو زنى جاهلًا، أو قَتَلَ شخصًا جاهلًا، فهل يحد أو يقتل، أو يسقط عنه ذلك بسبب جهله؟

وللجواب على ذلك نستطيع أن نقول: إنه ليس هناك قاعدة مطردة في أمور التكاليف، بحيث نقول: الجهل يرفع الحكم، أو لا يرفع، فهناك أمور متفق على أن الجهل يرفع الحكم، وهناك أمور على عكسها، وفيه أمور محل خلاف، فهناك نصوص تدل على العذر بالجهل، كالمسيء صلاته لم يطلب منه إعادة تلك الصلوات، ومثله المستحاضة حيث كانت تتوهم أنها حيض، فجاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي تشكو أنها حبستها عن الصلاة والصيام، ولم يطلب منها


(١) الذخيرة للقرافي (٦/ ٢٨).
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ١٨٨).
(٣) إعانة الطالبين (١/ ٢٢٣)، حاشية البجيرمي على الخطيب (٢/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>