للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما كانت الدراهم والدنانير هي الثمن لثلاثة أوصاف:

الوصف الأول: أن الدراهم والدنانير هي أثمان المبيعات، وهي المعيار الذي يعرف عن طريقه تقويم الأموال، فالأشياء سلع، والأثمان تعرف بواسطتها قيمة السلع، ولو كانت النقود سلعًا لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء.

الوصف الثاني: أن الثمن لا يقصد لعينه، بل يقصد التوصل به إلى السلع، فإذا صارت في أنفسها سلعًا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس، وهذا معنى معقول يختص بالنقود (١).

الوصف الثالث: أن النقود لا تتعين بالتعيين، بخلاف السلع.

قال القرافي «أجمع الناس على أن العروض تتعين بالتعيين، وكذا الحيوان والطعام؛ لأن لهذه الأشياء من الخصوصيات والأوصاف ما تتعلق به الأغراض الصحيحة، وتميل إليه العقول السليمة، والنفوس الخاصة، لما في تلك المعينات من الملاذ الخاصة في تلك الأعيان» (٢).

ولذلك وجود الثمن في ملك العاقد عند العقد ليس بشرط في صحة العقد،


(١) يقول البخاري في كشف الأسرار (٢/ ١٦٧): «الثمن ليس بمقصود في البيع، بل هو تبع بمنزلة الآلة، ألا ترى أن الغرض الأصلي في البيع الانتفاع بالمملوك، وذلك يحصل بما هو مبيع، لا بما هو ثمن؛ لأنه في الغالب من النقود، وهي ليست بمنتفع بها في ذواتها، وإنما هي وسيلة إلى حصول المقاصد .. ».
(٢) الفروق (٤/ ٧، ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>