للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[م - ١٥٢] كما أنه يجوز بيع الماء وحده إذا حازه الإنسان في إناء مثلًا:

قال القرطبي: «المسلمون مجمعون على أن الإنسان إذا أخذ الماء من النيل مثلًا فقد ملكه، وأن له بيعه، قال بعض مشايخنا: فيه خلاف شاذ، لا يلتفت إليه» (١).

وقال المازري في المعلم: «اعلم أن من الناس من زعم أن الإجماع قد حصل على أن من أخذ من دجلة ماء في إنائه، وحازه دون الناس أن له بيعه إلا قولًا شاذًا ذكر في ذلك، لا يعتد بخلافه عنده ... » (٢).


(١) المفهم (٤/ ٤٤١).
(٢) المعلم بفوائد مسلم (٢/ ١٨٩)
يقصد بذلك - والله أعلم - قول ابن حزم، فقد قال رحمه الله في المحلى (٧/ ٤٨٨) مسألة (١٥١٢): «ولا يحل بيع الماء بوجه من الوجوه، لا في ساقية، ولا من نهر، أو من عين، ولا من بئر ولا في بئر ولا في صهريج ولا مجموعًا في قربة ولا في إناء .. ».
وخلاف ابن حزم رحمه الله بل خلاف الظاهرية لا شك أنه يعتد به، وهم من جملة المسلمين الذين قال الله تعالى فيهم {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} [النساء: ١١٥].
ولا يعاب عليهم في الفقه إلا نفيهم للقياس، وقد قالوا ذلك عن اجتهاد، والأخطاء في مذهبهم إذا قورنت بالأخطاء الموجودة في المذاهب الأخرى لم تزد عليها، فالصواب ليس حكرًا على مذهب دون آخر، فكل يصيب ويخطئ، والترجيح بين الأقوال إنما هو بحسب قربه من الدليل الشرعي، ومن قواعد الفقه، ومقاصد الشارع، وإن كان مذهب الظاهرية في المعاملات أضعف منه في العبادات، وذلك لأن الأول أحكامه معللة، والقياس يجري عليها بخلاف الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>