للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن تيمية رحمه الله: «إن اشترى ثمرًا قد بدا صلاحه، فأصابته جائحة أتلفته قبل كمال صلاحه، فإنه يتلف من ضمان البائع ..... والحديث قد ثبت في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا بعت من أخيك ثمرة فأصابتها جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ من مال أخيك شيئًا. بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق؟

والاعتبار يؤيد هذا القول، فإن المبيع تلف قبل تمكن المشتري من قبضه، فأشبه ما لو تلفت منافع العين المؤجرة قبل التمكن من استيفائها. فإذا قيل: هذه الثمرة تلفت بعد القبض؟ قيل: قبض الثمرة التي لم يكمل صلاحها من جنس قبض المنافع؛ فإن المقصود إنما هو جذاذها بعد كمال الصلاح ... » (١).

وقال الباجي في المنتقى كلامًا نحو هذا، حيث يقول:

«التخلية بينه وبينها ليست بقبض لها، بدليل أن الجائحة تثبت في الثمرة بعد تخلي البائع عنها إلى المبتاع، وهي في أصل شجره، ويجب على البائع سقيها، فلو كان ذلك قبضًا لكانت من ضمان البائع» (٢).

ويرى ابن قدامة أن تخلية الثمار على الشجر قبض غير تام، قال في المغني:

«التخلية ليست بقبض تام - يعني في الثمار على الشجر - بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم، ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض، بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها، ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر، كذلك الثمرة، فإنها في شجرها كالمنافع قبل استيفائها، توجد حالًا فحالًا، وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة» (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٣٠/ ٢٦٠).
(٢) المنتقى (٤/ ٢٣٢).
(٣) المغني (٤/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>