للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الذمة الحاضرة كالعين الحاضرة، وبأن الدين في الذمة كالمقبوض، فأغنى ذلك عن إحضار كلا البدلين أو أحدهما في مجلس العقد.

وقيل: لا يجوز، وهو مذهب الشافعية والحنابلة (١).

(ح-١٠٤) واستدلوا بما رواه الشيخان من طريق مالك، عن نافع،

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز (٢).

[وجه الاستدلال]

قوله - صلى الله عليه وسلم - (ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز)، فإذا كان النهي قد ثبت عن بيع الغائب بالناجز، فالغائب بالغائب أحرى أن لا يجوز.

ولأن هذا من باب بيع الدين بالدين، وهو غير جائز.

[الراجح من الخلاف]

الراجح هو القول الأول، لأن ما في الذمة بحكم الحاضر، والنهي عن بيع الدين بالدين سيأتي بحثه إن شاء الله، وسنبين فيه إن شاء الله تعالى، أن هناك صورًا من بيع الدين جائزة، منها بيع الدين على من هو عليه كما في هذه المسألة.

وقد قال ابن تيمية « ... لم ينه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع دين ثابت في الذمة يسقط إذا


(١) الأم (٣/ ٣٣)، المجموع (١٠/ ١٠٥)، قال ابن قدامة في المغني (٤/ ٥١): «إذا كان لرجل في ذمة رجل ذهب، وللآخر عليه دراهم فاصطرفا بما في ذمتهما لم يصح، وبهذا قال الليث والشافعي ... ».
(٢) صحيح البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>