للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ غسل الكفين قبل الوضوء ثلاثا]

مَسْأَلَةٌ:

" وَيَغْسِلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ".

هَذَا مَسْنُونٌ لِكُلِّ مُتَوَضِّئٍ، سَوَاءٌ إِنْ تَحَقَّقَ طَهَارَتَهَا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْوُضُوءِ حَتَّى لَوْ غَسَلَهَا قَبْلَ الْوُضُوءِ اسْتُحِبَّ لَهُ إِعَادَةُ غَسْلِهَا بَعْدَ النِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُوَضِّئُ الْمَيِّتَ، يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ كَفَّيْهِ كُلَّمَا وَضَّأَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِينَ وَضَّئُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا؛ وَلِأَنَّ الْيَدَ آلَةٌ لِنَقْلِ الْمَاءِ فَاسْتُحِبَّ تَطْهِيرُهَا تَحْقِيقًا لِطَهَارَتِهِمَا وَتَنْظِيفًا لَهُمَا وَإِدْخَالًا لِغَسْلِهِمَا فِي حَيِّزِ الْعِبَادَةِ، وَلَوْ أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ.

فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ قَدْ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ كَانَ غَسْلُهُمَا أَوْكَدَ حَتَّى يُكْرَهَ تَرْكُهُ، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا عَنْ حَدَثٍ وَلَا عَنْ نَجَسٍ، لَكِنْ تَعَبُّدٌ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» "، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرِ الْعَدَدَ، وَمُقْتَضَى الْأَمْرِ الْإِيجَابُ لَا سِيَّمَا، وَغَسْلُ الْيَدِ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا فَلَمَّا خُصَّ بِهِ هَذِهِ الْحَالُ دَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ، وَهَذَا يَخْتَصُّ بِنَوْمِ اللَّيْلِ دُونَ نَوْمِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيتَ إِنَّمَا يَكُونُ بِاللَّيْلِ فَعَلَى هَذَا لَوِ اسْتَيْقَظَ الْمَحْبُوسُ وَلَمْ يَدْرِ لَيْلٌ هُوَ أَمْ نَهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُهُمَا وَمَنْ

<<  <   >  >>