للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان كل واحد منها مستقلا بذلك فالدلالة ظاهرة، وإن كان مجموع الأمور الأربعة فهذا إنما هو لتغليظ كفرهم وعقوبتهم، وإلا فكل واحد منها مقتض للعقوبة، إذ لا يجوز أن يضم ما لا تأثير له في العقوبة إلى ما هو مستقل بها، ومن المعلوم أن ترك الصلاة وما ذكر معه ليس شرطا في العقوبة على التكذيب بيوم الدين، بل هو وحده كاف في العقوبة، فدل على أن كل وصف ذكر معه كذلك؛ إذ لا يمكن قائلا أن يقول لا يعذب إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة، فإذا كان كل واحد منها موجبا للإجرام، وقد جعل الله سبحانه المجرمين ضد المسلمين؛ كان تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، وقد قال: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾ [القمر: ٤٧ - ٤٨]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٩] فجعل المجرمين ضد المؤمنين المسلمين. انتهى.

قلت: وفي الآيات دليل آخر على كفر تارك الصلاة، وهو أن شفاعة الشافعين ما تنفعهم، ولو كانوا كسائر العصاة من المسلمين لنفعتهم الشفاعة، ولم يسلكوا مع الكفار في سقر.

قال البغوي رحمه الله تعالى في تفسيره: قال ابن مسعود ﵁: يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون وجميع المؤمنين فلا يبقى في النار إلا أربعة ثم تلا: ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ إلى قوله: ﴿بِيَوْمِ الدِّينِ﴾، وقال عمران بن الحصين ﵄: الشفاعة نافعة لكل واحد دون هؤلاء الذي تسمعون.