للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، لا خالق غيره ولا مقدر غيره، قال: وأما إذا قوي التوكل على الله تعالى، والإيمان بقضائه وقدره، فقويت النفس على مباشرة بعض هذه الأسباب اعتمادًا على الله تعالى؛ ورجاء منه أن لا يحصل به ضرر، ففي هذه الحال تجوز مباشرة ذلك، لا سيما إذا كانت فيه مصلحة عامة أو خاصة، وعلى مثل هذا يحمل الحديث الذي خرجه أبو داود، والترمذي أن النبي أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة، ثم قال: «كل باسم الله، ثقة بالله، وتوكلا عليه» وقد أخذ به الإمام أحمد.

وروي نحو ذلك عن عمر، وابنه عبد الله، وسلمان .

ونظير ذلك ما روي عن خالد بن الوليد من أكل السم، ومنه مشي سعد بن أبي وقاص، وأبي مسلم الخولاني بالجيوش على متن البحر، ومنه أمر عمر لتميم حيث خرجت النار من الحرة أن يردَّها، فدخل إليها في الغار الذي خرجت منه.

فهذا كله لا يصلح إلا لخواص من الناس، قوي إيمانهم بالله وقضائه وقدره، وتوكلهم عليه، وثقتهم به، فإن التوكل أعظم الأسباب التي تستجلب بها المنافع، وتستدفع بها المضار. انتهى.

وأما قوله: «ولا طيرة» فقال ابن القيم رحمه الله تعالى: يحتمل أن يكون نفيًا، أو نهيًا أي: لا تطيروا، ولكن قوله في الحديث: «ولا عدوى، ولا صفر، ولا هامة» يدل على أن المراد النفي، وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعاينها، والنفي في هذا أبلغ من النهي؛ لأن النفي يدل على