للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى البخاري في (التاريخ الكبير)، عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «لو أمسك الله القطر عن الناس سبع سنين ثم أرسله لأصبحت طائفة منهم كافرين؛ يقولون: بنوء المِجْدَح».

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في (الأم): من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون؛ من إضافة المطر إلى أنه مطر نوء كذا، فذلك كُفر كما قال رسول الله ﷺ؛ لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا، ومن قال: مطرنا بنوء كذا، على معنى مطرنا في وقت كذا، فلا يكون كفرًا، وغيره من الكلام أحب إليَّ منه. انتهى.

وقال ابن قتيبة: كانوا في الجاهلية يظنون أن نزول الغيث بواسطة النوء؛ إما بصنعه على زعمهم، وإما بعلامته، فأبطل الشرع قولهم وجعله كفرًا، فإن اعتقد قائل ذلك أن للنوء صنعًا في ذلك فكفره كفر تشريك، وإن اعتقد أن ذلك من قبيل التجربة فليس بشرك، لكن يجوز إطلاق الكفر عليه وإرادة كفر النعمة؛ لأنه لم يقع في شيء من طرق الحديث بين الكفر والشكر واسطة، فيحمل الكفر فيه على المعنيين لتناول الأمرين، والله أعلم. نقل ذلك الحافظ ابن حجر في (فتح الباري).

ومن هذا الباب ما يزعمه الجغرافيون في نزول الأمطار وكثرتها وقلتها، أن ذلك راجع إلى طبائع الأماكن الأرضية والرياح، فمن اعتقد منهم أن طبائع الأرض والرياح تستقل بالإيجاد والتكوين؛ فكفره كفر تشريك، وإن زعم أن ذلك من قبيل التجربة ولم يعتقد للطبيعة شركة في الإيجاد؛ فأقل