للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتابه (الإشراف على مذاهب الأشراف): اختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله:

فقال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد: يكفر بذلك.

ومن أصحاب أبي حنيفة مَن قال: إن تعلمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر، ومَن تعلمه معتقدًا جوازه أو أنه ينفعه كفر، وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر.

وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا تعلم السحر قلنا له: صف لنا سحرك، فإن وصف ما يوجب الكفر؛ مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يلتمس منها، فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر، فإن اعتقد إباحته فهو كافر. انتهى.

قلت: وما قاله بعض أصحاب أبي حنيفة من التفصيل مردود عليهم؛ لأن الله تعالى أخبر أن معلم السحر كافر ومتعلمه كافر، وأطلق ولم يقيد، قال تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾، ففي أول الآية دليل على كفر معلم السحر، وفي آخرها دليل على كفر متعلمه، وليس فيها ما يدل على استثناء حالة دون حالة، والله أعلم.

قال ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ وذلك أنهما علما الخير والشر، والكفر والإيمان، فعرفا أن السحر من الكفر.

واستدلت طائفة أخرى من السلف على تكفير الساحر بقوله تعالى: