للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقعد الحازي، ويأمر غلامًا له بين يديه، فيخط خطوطًا على رمل أو تراب، ويكون ذلك منه في خفة وعجلة؛ كيلا يدركها العد والإحصاء، ثم يأمره فيمحوها خطين خطين وهو يقول: ابنَي عيان، أسرِعا البيان، فإن كان آخر ما يبقى منها خطين فهو آية النجاح، وإن بقي خط واحد فهو الخيبة والحرمان.

وذكر أبو السعادات ابن الأثير عن الحربي أنه قال: الخط: هو أن يخط ثلاث خطوط ثم يضرب عليهم بشعير أو نوي ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة. انتهى.

قلت: وأكثر من يستعمل الكهانة بالخط، والضرب بالحصى والودع ونحو ذلك في زماننا نساء البادية، وما أحسن قول لبيد بن ربيعه Object:

لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى … ولا زاجرات الطير ما الله صانع

وقال غيره:

الزجر والطير والكهان كلهم … مضللون ودون الغيب أقفال

وقال آخر، وهو تاج الدين الكندي ذكره عنه في دائرة المعارف:

دَعْ المنجمَ يكبو في ضلالته … إن ادّعى علم ما يجري به الفلك

تفرد الله بالعلم القديم فلا الـ … إنسان يشركه فيه ولا الملك

والفلاسفة يسمون الخط: الرمل، ولعمله وصورته عندهم شكل آخر غير ما ذكره أئمة اللغة، فهم يجعلون للخط بيوتًا كثيرة، ويزعمون أنهم يعرفون بدلالتها السعود والنحوس، وما في الأرحام والضمائر، وغير ذلك من المغيبات.