للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصًا.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: علم الفاعل بما يفعله وقصده له هو النية، والعاقل المختار لا يفعل فعلاً إلا مسبوقًا بتصوره وإرادته، وذلك حقيقة النية، فليست النية أمرًا خارجًا عن تصور الفاعل وقصده لما يريد أن يفعله، وبهذا يعلم غلط من ظن أن للتلفظ مدخلاً في تحصيل النية، فإن القائل إذا قال: نويت صلاة الظهر، أو نويت رفع الحدث، إما أن يكون مخبرًا أو منشئًا، فإن كان مخبرًا فإما أن يكون إخباره لنفسه أو لغيره، وكلاهما عبث لا فائدة فيه؛ لأن الإخبار إنما يفيد إذا تضمن تعريف المخبَر ما لم يكن عارفًا به، وهذا محال في إخباره لنفسه، وإن كان إخبارًا لغيره بالنية فهو عبث محض، وهو غير مشروع ولا مفيد، وهو بمثابة إخباره له بسائر أفعاله من صومه وصلاته وحجة وزكاته، بل بمنزلة إخباره له عن إيمانه وحبه وبغضه، بل قد تكون في هذا الإخبار فائدة، وأما إخبار المأمومين أو الإمام أو غيرهما بالنية فعبث محض، ولا يصح أن يكون ذلك إنشاء، فإن اللفظ لا ينشئ وجود النية، وإنما إنشاؤها إحضار حقيقتها في القلب لا إنشاء اللفظ الدال عليها، فعلم بهذا أن التلفظ بها عبث محض، فتأمل هذه النكتة البديعة. انتهى.