للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: فهذا يدلُّ على أنها رفضت عمرتها وأحرمت بالحج، وذلك من وجوه:

الوجه الأول: قوله: «دَعِي عمرتك» وهذا يدلُّ على رفض العمرة.

الوجه الثاني: قوله: «وامتشطي» والامتشاط غير جائز للمحرم (١).

ونوقش الاستدلال من أوجه:

الوجه الأول: أنَّ قوله: «انقضي رأسك وامتشطي ودعي العمرة» انفرد به عروة، وخالف به سائر من روى عن عائشة حين حاضت، وقد روى ذلك طاوس والقاسم والأسود وعمرة عن عائشة، ولم يذكر أحد منهم هذه اللفظة (٢)، وحديث جابر وطاوس مخالفان لهذه الزيادة (٣).

وقد روى حمَّاد بن زياد، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة حديث حيضها فقال فيه: ... فحدثني غير واحد أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «دعي العمرة، وانقضي رأسك، وامتشطي» وذكر تمام الحديث.

وهذا يدلُّ على أنَّ عُروة لم يسمع هذه الزيادة من عائشة (٤).

وهو مع ما ذكر من مخالفته بقية الرواة، يدلُّ على الوهم، مع مخالفتها الكتاب والأصول؛ إذ ليس لنا موضع آخر يجوز رفض العمرة مع إمكان إتمامها (٥).

الوجه الثاني: أنَّ معنى «دعي العمرة» أي: دعي أفعال العمرة، فإنها تدخل في أفعال الحج، أو أنَّ المعنى «دعيها بحالها، لا تخرجي منها»، وليس المراد تركها، ويدلُّ عليه وجهان:


(١) انظر: الحجة على أهل المدينة (٢/ ١٤٩) حاشية القادري على كتاب الحجة (٢/ ١٤٠).
(٢) أخرجها كلها مسلم في الحج، باب بيان وجوه الإحرام (٢/ ٨٧١) وما بعدها.
(٣) حديث جابر سبق تخريجه، وفيه أنه قال لها: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك» وحديث طاوس أخرجه مسلم في الحج، باب وجوه الإحرام، وفيه أيضًا قوله: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك» (٢/ ٨٧٩).
(٤) المغني (٥/ ٣٧٠) زاد المعاد (٢/ ١٦٩).
(٥) المغني (٥/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>