للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المضاربة، فإنه يقع فاسدا، وعليه الضمان؛ لأن عقدَ الوكيل يقع للموكل، والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير، فأشبه ما لو اشترى به ميتة أو عامل بالربا).

مناقشة الاعتراض الثاني

أما الاعتراض الثاني الذي مضمونه أن مُدَرَاءَ الشركة لا يتحرزون عن المعاملات المحرمة - وعليه فإنه لا يجوز مشاركتهم - فهو اعتراض غير دقيق؛ ذلك أنه من المستقر في نصوص الشريعة أن اليهود من أكثر الناس استحلالا للربا وأكل المال بغير طرقه الشرعية كالقمار والخمور والرشوة والغش والاحتيال وغيرها، وقد عاملهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وشاركهم في خيبر ... فهذا دليل على جواز المشاركة، وقد تقدم الجواب عن هذه المشاركة وأنه لا دلالة فيها من ثلاثة وجوه (١).

مناقشة الاعتراض الثالث

أما الاعتراض الثالث الذي مضمونه أنه إنما جازت مشاركة اليهودي لأنه يستحل هذه الأموال المحرمة ويتأول جوازها، فالشريك اليهودي يرى أن أموال الربا والقمار ونحوها أموال مباحة، وهذا بخلاف الشريك المسلم المنتهك لهذه الأموال؛ لأنه يعتبرها حراما، وعليه فلا يجوز قياس الشريك المسلم المرابي المحرم عليه الربا على الشريك اليهودي المرابي الذي يستبيح الربا؛ ففي تقديري أن هذا اعتراض فاسد من وجوه ثلاثة:

الوجه الأول: أن الربا لم يبح لليهود أصلا؛ بل هم منهيون عنه، كما قال تعالى في سورة النساء: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ}.


(١) انظر ص٢٧.

<<  <   >  >>