للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنه لا يرفع ذنب الإقدام على المحرم ما دام متلبِّسًا فيه؛ فلا تلازم بين التطهير وكونه مقيمًا على الذنب؛

قال تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٧ - ١٨].

قال الطبري: (يعني بذلك جل ثناؤه: وليست التوبة للذين يعملون السيئات من أهل الإصرار على معاصي الله ...).

وقال القرطبي في قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} [النساء: ١٨]: يعني: قبول التوبة للذين أصروا على فعلهم ...

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (التوبة نوعان: واجبة ومستحبة؛ فالواجبة هي التوبة من ترك مأمور أو فعل محظور، وهذه واجبة على جميع المكلفين كما أمرهم الله بذلك في كتابه وعلى ألسنة رسله) (١).

وقال ابن رجب: (.... التوبة النصوح أن لا يعود إلى الذنب أبدا؛ فمتى عاد إليه كان كاذبا في قوله: وأتوب إليه) (٢).

يؤكد هذا المعنى قوله تعالى في آيات الربا: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٧٥].

فن أقام في هذه الشركة التي تمارس أعمالا ربوية مع علمه بذلك، فإنه لم ينته ـ حتى ولو قام بالتطهير ـ بل ما زال عائدا في الربا


(١) جامع الرسائل، رسالة في التوبة ١/ ٢٢٧، تحقيق محمد رشاد سالم.
(٢) جامع العلوم والحكم، ص٣٩٦.

<<  <   >  >>