للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة مع انتشار هذا القول وظهوره، وموافقته للقياس».

٢٦ - أن ترك تعدد الزوجات إذا خاف عدم العدل معهن والاقتصار على نكاح واحدة والاستمتاع بملك اليمين أقرب ألا يقع المرء في الجور والظلم، لقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل» (١) وفي بعض الروايات «وشقه ساقط» (٢).

٢٧ - الإشارة إلى أن الإنسان قد لايسلم من الظلم والجور حتى لو ترك نكاح اليتامى، ولو لم يعدد الزوجات، لقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ولم يقل: ذلك ألا تعولوا. لكن حنانيك بعض الشر أهون من بعض.

٢٨ - تحريم الوسائل المؤدية إلى فعل المحرم، وأن الوسائل لها أحكام المقاصد (٣) وقد دلت الآية على هذا المعنى في موضعين منها: الأول في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النساء}، فأوجبت الآية العدول عن اليتامى إذا خيف عدم العدل فيهن، ووجهت إلى نكاح ما طاب لهم من النساء سواهن. والثاني في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أو مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُو}.

فأوجبت الآية ترك تعدد الزوجات إذا خيف عدم العدل معهن، ووجهت إلى الاقتصار على واحدة والاستمتاع بملك اليمين.

****


(١) أخرجه أبو داود في النكاح٢١٣٣، والنسائي في عشرة النساء٣٩٤٢، والدارمي في النكاح٢٢٠٦ وصححه الألباني.
(٢) أخرجه الترمذي في النكاح١١٤١، وابن ماجه في النكاح١٩٦٩ وصححها الألباني.
(٣) وهذه قاعدة أصولية فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب، وما يكون وسيلة المحرم فهو محرم.
انظر «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي ١/ ١٥٧ - ١٦٠ ..

<<  <   >  >>