للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نذراً بالوفاء به. وفي المدينة لابن دينار (١) فيمن شرط لامرأته أن تسرر عليها فالسرية صدقة عليها أن الصدقة بالشرط تلزمه، وأنه إن أعتقها بعد أن اتخذها لم ينفذ عتقه وكانت لها صدقة بالشرط، ولابن نافع في المدينة أيضاً فيمن باع من رجل سلعة (٢)، وقال إن خاصمتك فهي صدقة عليك فخاصمه فيها أن الصدقة تلزمه فإن كان يريد بقوله أن الصدقة تلزمه أنه يحكم بها عليه فهو مثل قول ابن دينار خلاف المشهور في المذهب، وأما ما كان من الصدقات المبتلة لله تعالى على غير يمين فيحكم بها إن كانت لمعين بإتفاق وإن كانت للمساكين أو في سبيل الله على اختلاف الرواية في ذلك في المدونة أهـ

قلت: قوله في النوادر لا يحكم به يريد إذا كان لغير معين، وأما إذا كان لمعين فقد تقدم في فصل النذر في الباب الأول أنه يقضي به وتقدم أيضاً أن المشهور فيما كان لغير معين كالمساكين أنه لا يقضي به والله تعالى أعلم.

وقال في كتاب الهبات من النوادر قال محمد بن عبد الحكم (٣) ومن حلف


(١) هو عبد الرحمن بن دينار كان فقيهاً عالماً حافظاً يكنى أبا زيد كانت له رحلتان استوطن في إحداهن المدينة، وهو الذي أدخل الكتب المعروفة بالمدينة إلى المغرب سمعها منه أخوه عيسى ثم خرج بها عيسى فعرضها على ابن القاسم فرد فيها أشياء من رأيه. كان عبد الرحمن من الحفاظ المتقدمين، والخيار الصالحين وبنوا دينار معروفون بالعلم. توفي سنة سبع وعشرين ومائتين. أنظر ترجمته في الديباج جـ ١ ص ٤٧٣.
(٢) عبارة م باع سلعة من رجل.
(٣) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال عنه ابن الحارث: كان من العلماء الفقهاء، مبرزاً من اهل النظر والمناظرة، والحجة فيما يتكلم فيه ويتقلده من مذهب وإليه كانت الرحلة من المغرب في العلم والفقه من الأندلس. سمع من أبيه وابن وهب وأشهب وابن القاسم وغيرهم من أصحاب مالك وكان محمد من أصحاب الشافعي ممن يتعلم منه. له مؤلفات كثيرة في فنون العلم، والرد على المخالفين كلها حسان لكتاب أحكام القرآن، وكتاب الوثائق والشروط وكتاب الرد على الشافعي فيما خالف فيه الكتاب والسنة، وكتاب الرد على أهل العراق، والكتاب الذي زاد فيه على مختصر أبيه، وكتاب أدب القضاة وكتاب الدعوى والبيان، وكتاب إختصار كتب أشهب وكتاب الكفالة، وكتاب الرجوع عن الشهادات وغيره. وأما محنته في القرآن فذكر أبو إسحاق الشيرازي أنه حمل في المحنة بالقرآن إلى بغداد إلى ابن أبي داود ولم يجب إلى ما طلب منه فرد إلى مصر، وقيل أنه ضرب في ذلك وأدخل الكبريت تحت ثيابه وأوقد على جوانب ثيابه فاحترقت ثيابه فتنحوا عنه فهرب واستتر في دار امرأة، ولد في منتصف ذي الحجة سنة اثنين وثمانين ومائة، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة منتصف سنة ثمان وستين ومائتين، وقيل سنة تسع أنظر: ترجمته في ترتيب المدارك للقاضي عياض جـ ٤ ص ١٥٧ وما بعدها وطبقات الشافعية الكبرى جـ ٢ ص ٦٧ وما بعدها والديباج المذهب جـ ٢ ص ١٦٣ وما بعدها.

<<  <   >  >>