للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن القاسم من سماع عيسي: الحج أحب إلى من الغزو إلا في الخوف ومن الصدقة إلا في مجاعة، قال ابن عبد البر في الكافي فرض على الإمام إغزاء طائفة للعدو في كل سنة يخرج إما هو أو من ينوبه وفرض على الناس في أموالهم وأنفسهم الخروج المذكور لا خروجهم كافة والنافلة منه إخراج طائفة بعد أخرى.

(وأحب إلينا ألا يقاتل العدو حتى يدعى إلى دين الله إلا أن يعاجلونا فإما أن يسلموا أو يؤدوا الجزية وإلا قوتلوا):

واختلف في الدعوة هل هي واجبة أم لا على أربعة أقوال:

فقيل: إنها واجبة مطلقًا وهو معنى قول مالك في المدونة لا يقاتل المشركون حتى يدعوا:

وقيل: إنها غير واجبة قاله مالك في غير المدونة.

وقيل: أما من قربت داره فلا تجب ومن بعدت فتجب وهو معني قول مالك في المدونة في القول الثاني عنه فالدعوة فيمن بعدت داره أقطع للشك.

وقيل: تجب في الجيش الكثير الآمن وجعل بعض من لقيناه قول الشيخ، وأحب إلينا قولاً خامسًا، والأقرب عندي أنه يرجع إلى القول الثاني لأن قائله إنما نفي الوجوب فقط فيريد ويستحب ذلك للخلاف.

وفي المدونة: وأما القبط فلا يقاتلون ولا ينتهبون حتى يدعوا بخلاف الروم فقيل لأنهم لا يفقهون ما يدعون إليه، وأنكر بعضهم هذا وقال إنهم من أحذق الناس في الأعمال والحساب وغير ذلك إنما العلة كونهم ركبوا الظلمة في عهد كان لهم، وهذان ذكرهما عبد الحق في تهذيبه وعن ابن محرز الأول للمذاكرين والثاني لابن شبلون، وقيل لشرفهم بسبب مارية وهاجر لقوله صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم نسبًا وصهرا" وهذا القول نقلة القرافي واستشكل بعض شيوخنا القول الأول بأن تعليل وجوب دعوتهم بعدم فهمهم إياها متناف والخلاف المذكور في وجوب الدعوة هو ما لم يعاجلونا فإن عاجلونا قوتلوا فورا اتفاقاً، وأما قول الشيخ فإما أن يسلموا أو يؤدوا الجزية لأنهم يخيرون فيها فيعني أنه يطلب منهم أولا الإسلام فإن أبوا طلبت منهم الجزية لأنهم يخيرون فيها مرة واحدة وهو معنى قول مالك في أواخر الجهاد من المدونة إذا دعوا إلى الإيمان فلم يجيبوا دعوا إلى إعطاء الجزية، ولما قرر ابن عبد السلام

<<  <  ج: ص:  >  >>