للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال معاذ بن جبل ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قال عمرو أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه):

الأصل في ذلك قوله تعالى (فاذكروني أذكركم) [البقرة: ١٥٢]

وقوله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) [ال عمران: ١٩١]

إلى غير ذلك.

وقد قال الأستاذ أبو علي الدقاق: الذكر منشور الولاية فيمن وفق إلى الذكر فقد أعطى المنشور ومن سلب الذكر فقد عزل قال عبد الوهاب: لأن الإنسان إذا أكثر من الذكر جدد خشوعا في قلبه وبعدت الغفلة عن قلبه فكان إلى التقوى أقرب وعن المعاصي أبعد وما قاله عمر إنما أراد به الذكر بالقلب وهو إحضار الإنسان قلبه الخوف والخشوع وتصوره لاطلاع ربه عليه في سره وعلانيته وعلمه بجيمع أعماله وتصرفاته وأنه لا تخفى عليه خافية ولا يستر عنه مستور فلذلك قال: الذكر بالقلب أفضل من الذكر باللسان.

وقال الفاكهاني: الذي يظهر لي أن الوقت عند الحدود أن ذكر واجبا ذكر الله فاجتنبه ومعنى ذكر الله أن ذكر ثوابه وعقابه والله أعلم بما أراد قال ويؤيد ما قلناه قول الحسن: أفضل ذكر الله عند ما حرم الله ونقل عن البوني أنه قال في ذلك يريد أداء الفرائض فهذا قريب مما قلناه وهو قريب في المعنى قلت: وقول الفاكهاني إليه كان يذهب بعض من لقيناه من القرويين قال أبو القاسم القشيري: ومن خصائص الذكر أنه غير موقت بل ما من وقت من الأوقات إلا والعبد مأمور بذكر الله إما فرضا وإما نفلا فالصلاة وإن كانت أشرف العبادات فقد لا تجوز في بعض الأوقات.

والذكر بالقلب مستديم في جميع الحالات قال الله تعالى (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم) [آل عمران: ١٩١]

وفي الخبر أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول "أعطيت أمتك ما لم أعط أمة من الأمم قال: وما ذلك يا جبريل قال: قوله تعالى (فاذكروني اذكركم) [البقرة: ١٥٢]

ولم يقل هذا لأحد غير أمتك".

(ومن دعائه صلى الله عليه وسلم كلما أصبح وأمسى "اللهم بك نصبح وبك نمسي وبك تحيا وبك نموت ويقول في الصباح وإليك النشور وفي المساء وإليك المصير وروي مع ذلك: اللهم اجعلني من أعظم عبادك حظا ونصيبا في كل خير تقسمه في هذا اليوم وفيما بعده من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو ذنب تغفره أو شدة ترفعها أو فتنة تصرفها أو معافاة تمن بها برحمتك إنك على كل شيء قدير):

قال الفاكهاني: بك أي بقدرتك فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وإليك النشور يوم القيامة فكان قيام الإنسان من نومه كقيامه إلى حشره وإليه مصير

<<  <  ج: ص:  >  >>