للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار]

يقول هذا باب ذكر كيفية الوضوء الشرعي وترتيبه وقدم السنن لتقدمها في الفعل وإلا فالفرض آكد وأولى بالتقديم وإنما قدم فعلاً لاختبار الماء فلا يأتي الفرض إلا بعد تحقق أمره واللون بالعين والقوام باليدين والطعم بالمضمضة والريح بالاستنشاق والاستنجاء إزالة الأذى بالماء. وقد اختلف في اشتقاقه فقيل مشتق من النجو الذي هو البراز لأنه يزال به عن محله وقيل من النجوة أي ما ارتفع من الأرض لأنه يقصد الاستنثار به عند ذلك. وقيل لأنه يتخلص به من ذلك. والنجا الخلوص ومنه {خَلَصُوا نَجِياً} [يوسف: ٨٠] وقيل غير ذلك. والاستجمار استعمال الجمار وهي الحجارة في إزالة ذلك وقاله في حديث «من استجمر فليوتر» وارتضاه ابن عيينة والله أعلم.

(وليس الاستنجاء مما يجب أن يوصل به بالوضوء).

يعني لا في الفعل ولا في الصفة ولا في الحكم ولا في الأداء ولا في غيرها فلا مدخل له لا في سنن الوضوء ولا في فرائضه ولا في آدابه ولا في فضائله. وهذا خلاف ما تعتقده العامة من أنه منه ويشترط اقترانه به وللقيام من النوم دون غيره. وعلى معتقدهم نبه بهذا الكلام ثم بين حكمه بقوله وهو من باب إيجاب زوال النجاسة به وبالاستجمار يعني عن البدن وإن كان الاستنجاء أفضل عند الأفراد وجمعهما أحسن ثم لا يلزم تقديمهما بل يجوز تأخيرهما مع الإمكان إذا لم يخل بالوضوء لمس ذكره ونحوه وإيجاب زوال النجاسة إنما هو لأجل أن لا يصلي بها في جسده كما هو في الثوب والبقعة الحكم واحد. وقد تقدم ويأتي حكم من صلى بثوب نجس أو على مكان نجس.

وفي هذه المسألة بخصوصها اختلاف ابن الحاجب ولو تركها ناسياً فصلى ففي إعادته في الوقت روايتان لابن القاسم وأشهب. فقال بن أبي زيد الناسي يعيد وخرج اللخمي على وجوب إزالة النجاسة يعيد أبداً (س) أما رواية الإعادة ففي الوقت جارية على المشهور. وأما الرواية بعدم الإعادة مطلقاً فمشكلة إذ لا قائل بسقوط الإعادة مطلقاً في إزالة النجاسة إلا أن يثبت بالاستحباب معنى الفضيلة فتكون هذه الرواية منه ولهذا احتاج ابن أبي زيد للتأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>