للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرفة؛ لأن من أحرم من مكة لا يطوف حتى يرجع. وقال مالك: أحب إليّ أن يرمل. وقال فيمن أحرم من التنعيم: أحب إليّ أن يرمل، وليس ذلك في الواجب كالذي يحرم من الميقات (١). وقال أيضًا: ذلك سواء، أحرم من الميقات أو بغيره. وأما العمرة؛ فيرمل في الطواف لها إذا أحرم من الميقات. ويختلف إذا أحرم من التنعيم أو غيره من المواضع القريبة.

والأصل في الرمل حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ يُرِيدُ عُمْرَةَ القَضَاءِ، قَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَطُوفُوا بِالبَيْتِ مِنَ الهُزَالِ، وَقَدْ أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ لِيَرَى المُشْرِكُونَ جَلَدَهُمْ، قَالَ: وَلَم يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ". أخرجه البخاري ومسلم (٢).

ثم أثبته (٣) - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع في طواف القدوم دون طواف الإفاضة، وإذا كان ذلك سببه، وأثبت فيمن قدم من غير مكة، وأسقط من طواف الإفاضة ومن طواف التطوع- سقط عمن دخل من التنعيم لحج أو لعمرة؛ لأنه في معنى المقيم. والرمل على الرجال، ولا رمل على النساء.

واختلف في المريض يطاف به محمولًا، فقال محمد: يرمل به. وقال ابن القاسم: لا يرمل بالصبي إذا طيف به محمولًا. وقال أصبغ: يرمل به (٤). وعلى قول ابن القاسم


(١) انظر: المدونة: ١/ ٤٩٢.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٢/ ٥٨١، في باب كيف كان بدء الرمل، من كتاب الحج في صحيحه، برقم (١٥٢٥)، ومسلم: ٢/ ٩٢٣، في باب استحباب الرمل في الطواف والعمرة وفي الطواف الأول من الحج، من كتاب الحج، برقم (١٢٦٦).
(٣) في (ب): (أثلثه).
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>