للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حظه من الفرض لما دخل بغروب الشمس الانصراف إلى ما سواه؛ لأن الأحاديث إنما جاءت: أنه لما غربت الشمس دفع ولم يقف. ويكون الفرض المشي حتى يحل. يخرج من الحل.

والوقوف عبادة يؤتى بها على صفة ما أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أتى الناس يبين لهم معالم دينهم، وقد علموا أنه فرض عليهم الوقوف بعرفة، وأتوا لامتثال ما فرض عليهم، وهو المبين لأمته. ولو كان في تطوع والفرض من غروب الشمس لبينه؛ لأنه ليس يفهم من مجرد فعله أنه كان في تطوع، بل المفهوم أنهم كانوا في امتثال ما أمروا بمع وما أتوا إليه، وقد احتج في القول الأول: أن الفرض في الليل دون النهار بأشياء، منها: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ فَقَدْ أَدْرَكَ الحَجَّ" (١). وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَفاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الصُّبْحِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ" (٢). وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بِلَيْلٍ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَات بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ" (٣). معلق الفوات بالليل والاحتجاج بهذا ليس بالبين؛ لأن الوقوف له أول، وهو من الزوال،


(١) صحيح، أخرجه أبو داود: ١/ ٥٩٩، في باب من لم يدرك عرفة، من كتاب المناسك، برقم (١٩٤٩)، والترمذي: ٣/ ٢٣٥، في باب من أدرك الإمام بجمع، من كتاب الحج، برقم (٨٨٩)، والنسائي: ٥/ ٢٥٦، في باب فرض الوقوف بعرفة, من كتاب مناسك الحج، برقم (٣٠١٦)، وابن ماجه: ٢/ ١٠٠٣، في باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، من كتاب المناسك، برقم (٣٠١٥)، وأحمد: ٤/ ٣٠٩، في مسند الكوفيين، من حديث عبد الرحمن بن يعمر - رضي الله عنه -، برقم (١٨٧٩٦).
(٢) أخرجه البيهقي في سننه الكبير: ٥/ ١٧٣، في باب إدراك الحج بإدراك عرفة قبل طلوع الفجر من يوم النحر، من كتاب الحج، برقم (٩٥٩٦).
(٣) ضعيف، أخرجه الدارقطني: ٢/ ٢٤١، في باب المواقيت، من كتاب الحج، برقم (٢١). قال الدارقطني: مداره على رحمة بن مصعب، وهو ضعيف ولم يأت به غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>