للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهدي لم يتقيد (١) بوقوف، ولا تعبد الناس فيه بذلك، وما روي من كون هدايا الناس معهم في الموقف، فلأن ذلك لأن منى لم يكن بها ساكن يحفظها فيها إن بات هناك، والناس حينئذٍ بعرفة، فلو تركت بمنى لضاعت.

واختلف بعد القول أَنَّ مِنْ شرط النحر بمنى الوقوف به في ثلاث مسائل:

أحدها: إذا ساق الهدي في حجّ فضلَّ قبل الوقوف ثم وجده في أيام منى، فنحره بمكة.

والثاني: إذا أوقفه ثم ضلّ، فوجده بعد أيام منى.

والثالث: إذا أوقفه، ثم نحره بمكة في أيام منى أو بعدها، هل يجزئه في جميع ذلك؟ فقيل: يجزئه، ولا بدل عليه. وقيل: عليه البدل؛ لأنه لما ساقه في حج وجب نحره بمنى، فلما لم ينحر بها لم يجزئه. وقال أشهب: إن فاته الوقوف نحره بمكة، وأجزأه، وإن كان في أيام منى، وإن وقف به لم يجزئه بمكة في أيام منى، وإن كان بعد أن ذهبت أيام منى أجزأه.

وإنما لم يجب عند البدل إذا لم يقف به أو وقف وخرجت أيام منى؛ لأن الحكم أن ينحر بمكة، وإذا وقف به ولم تخرج أيام منى كان الحكم أن ينحره بمنى، فإن ترك منى ونحره بمكة كان متعديًا وأبدله. وأرى أن يجزئ ذلك كله؛ لأنها مواضع للذبح، وكلها يُتَقَرَّبُ إلى الله تعالى فيها بالذبح، ولا خلاف أن لمن أتى بجزاء الصيد في الحج (٢) أن ينحره بمنى، وإن خالف نص القرآن؛


(١) في (ب): (يتعبد).
(٢) قوله: (في الحج) ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>