للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجاسات فيه، كثرت النجاس لكثرة الواردين على الماء وبخاصة ما كان قرب المدن، فيتغير لكثرة ما يحلّ فيه، وقد يظن أن ذلك لما جرت به العادة من التغير لطول المكث بالشمس وغيرها فكان الوجه منع (١) ذلك؛ لئلا يفسد ذلك على الناس فيما يحتاجون إليه من شرب أو وضوء والاختلاف المتقدم في الماء القليل.

وأما إذا كان الماء كثيرًا، كالآبار (٢) الكبيرة، والمصانع العظيمة: فإنه لا ينجسها ما حل فيها إذا لم يتغير أحد أوصافه، واختلف إذا تغير ريح الماء خاصة؛ فقول مالك وغيره من أصحابه: إنه نجس (٣). وقال عبد الملك: هو طاهر.

والقول الأول أبين.

وإن كانت الرائحة عن المجاورة دون الحلول لم ينجس، وليس حكم الرائحة على انفرادها حكم الجسم يحلّ في الماء، ولو كان ذلك لوجب على الإنسان غسل ثوبه إذا علقت به رائحة النجاس. وكذلك روائح الطيب وغيرها إن كانت عما حل فيه من الطيب كان مضافًا، وإن كان عن مجاورة لم يضف، إلا ما كان من البخور؛ فإن له حكم المضاف لأن النار تصعد بأجزاء منه، ويوجد طعم ما يبخر به من المصطكى (٤) وشبهها، ويرى عليه منها كالدهنية. ولهذا قيل فيما طبخ بعظم الميتة: إنه لا يؤكل.


= وأصل الضغث الخلط. انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة، للجُبِّي، ص: ١٧.
(١) قوله: (الوجه منع) ساقط من (ر).
(٢) في (ب): (كالأنهار).
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ٧٤.
(٤) المُصْطُكَى: من العُلُوك (وهو اللبان)، روميّ وهو دخيل في كلام العرب. انظر: لسان العرب: ١٠/ ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>