للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا وجه للاحتجاج أنه "نثرة حوت" (١) لوجهين:

أحدهما: أن ذلك لا يعرف إلا من قول كعب الأحبار (٢)، يخبر عما في كتبهم. ولا خلاف أنه لا يجب علينا العمل بمثل هذا، ولا تعبَّدنا به.

والثاني: أنه الآن من صيد البر، فيه (٣) يخلق، وفيه يعيش، فلم يكن لاعتبار الأصل وجه لو صح ذلك.

وقد حكم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المحرم (٤) فيه بالجزاء، وجعله من صيد البر.

واختلف بعد القول أنه لا تؤكل ميتته، فقال ابن القاسم في المدونة: لا يؤكل، إلا أن يموت بفعل يفعله بها، بقطع أرجلها أو أجنحتها، أو بطرحها في


(١) نثرة حوت: أي عطسته انظر: غريب الحديث لابن قتيبة: ٢/ ٣٦١. وقول المؤلف: إنه "نثرة حوت" يعني ما أخرجه مالك في الموطأ: ١/ ٣٥٢، في باب باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، في كتاب الحج، برقم (٧٨٤).
(٢) قوله: (لا يعرف إلا من قول كعب الأحبار) يعارضه ما في الترمذي مرفوعًا من حديث جابر بن عبد الله وأنس بن مالك - رضي الله عنهما - قالا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا على الجراد قال: "اللهم أهلك الجراد، اقتل كباره وأهلك صغاره وأفسد بيضه واقطع دبره وخذ بأفواههم عن معاشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء" قال: فقال رجل: يا رسول الله كيف تدعو على جند من أجناد الله بقطع دابره؟ قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها نثرة حوت في البحر".
ولكن قال الترمذي معقبًا عليه: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي قد تكلم فيه وهو كثير الغرائب والمناكير وأبوه محمد بن إبراهيم ثقة وهو مدني، أخرجه في سننه: ٤/ ٢٦٩، في باب ما جاء في الدعاء عن الجراد، من كتاب الأطعمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (١٨٢٣).
(٣) قوله: (فيه) سقط من (ب).
(٤) قوله: (وقد حكم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المحرم) في (ت): (وقد حُكي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه حكم على المحرم).

<<  <  ج: ص:  >  >>