للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلم (١). وقد روي عنه أنه كان يهريقه في دون هذه المدة.

ويعتبر في ذلك النبيذ في نفسه والوقت الذي ينتبذ أو ينقع فيه، فليس فضيخ (٢) البُسْر كالتَّمر، ولا التَّمر كالعنب، ولا العنب كالزّبيب، ولا الصيف فيما يخشى منه السكر كالشتاء والربيع، وإنما يراعى كل واحد منهما في نفسه، فإذا كان الغالب من مثل ذلك النبيذ أو النقيع في مثل ذلك الزمن وتلك المدة أنه لا يسكر، ولا صار إلى حالة يشك فيه- حلال.

وإن مستْه النَّار ولم يبالغ في صنعته، وكان يخشى منه أن يكون مسكرًا- نُظِر أيضًا إلى الحالة التي يؤمن ذلك فيها في ذلك الوقت.

واختُلِفَ إذا غلا؛ فلم يمنع ذلك في الكتاب، ولا كرهه، وقال: حده ما لم يسكر (٣). وقال ابن حبيب: كرهه بعض الصحابة إذا غلا (٤).

وهو أحسن، وليس القول: إن حدَّه ما لم يسكر؛ بالبيّن، إذا كان لا يعرف ذلك إلا بالاختبار؛ لأنه لا يدري في وقت الاختبار: هل يشرب حلالًا أو حرامًا؟ إلا أن يقدر على معرفة ذلك بدلائل من غير شرب، وإن بُولغ في طبخه حتَّى صار إلى أن يؤمن السكر منه- جاز شربه وإن طالت المدة.

واختُلِفَ: هل له حَدٌّ يؤمن ذلك منه إذا بلغه؟

فقيل: إذا ذهب ثلثاه، وبقي الثلث- فإنَّه لا يسكر.


(١) أخرجه مسلم: ٣/ ١٥٨٩، في باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرًا، من كتاب الأشربة، برقم (٨١/ ٢٠٠٤).
(٢) الفضيخ: العصير. انظر: لسان العرب: ٢/ ٤٥.
(٣) انظر: المدونة: ٤/ ٥٢٤.
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>