للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصدقه مرة؛ لأن من الناس من يقصد هجرانًا دون هجران، فيكتب ويراسل ويقف عن المشافهة وهذا أحسن، ولا فرق بين الكتاب والرسول.

والقول أن الذي في الكتاب لفظه غير صحيح؛ لأن الإنسان يكتب ولا ينطق، ولو نطق ما زاد معنى، ولصار ذلك المكتوب كلامه.

وقال ابن حبيب: وإن وصل الكتاب إلى المحلوف عليه، فقرأ عنوانه؛ حنث (١) وإن لم يقرأه، وأقام عنده سنين؛ لم يحنث ولا وجه لهذا؛ لأنه إذا حنث بالمكاتبة لأنها ضرب من المواصلة، وترفع (٢) بعض المقاطعة، فذلك يقع بنفس وصول الكتاب من الحالف، وإن لم يقرأ. وإن كتب المحلوف عليه إلى المحلوف، فلم يقبل كتابه؛ لم يحنث.

واختُلف إذا قبِله وقرأه: فقال ابن القاسم: يحنث. وقال أيضًا، لا يحنث.

وقاله أشهب (٣) وهو أحسن؛ لأن الكلام من المحلوف عليه لا يحنث به الحالف، وكذلك لو اجتمع معه، وكلمه ولم يجاوبه؛ لأنه إنما حلف لا كلمت فلانًا (٤)، ولم يحلف لا كلمني.

ولو حلف ليكلمنّه فكتب إليه، أو أرسل إليه رسولًا؛ لم يبر؛ لأنه لم يكلمه. وهذا مما يبين الأول إذا حلف لا أكلمه فكتب إليه أنه لم يحنث بمجرد اليمين.

ولو كان الكتاب ككلامه لبر به إذا حلف ليكلمنه، وإن حلف ليعلمنه أو


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ١٢٦.
(٢) في (ت): (تدفع).
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ١٢٥.
(٤) قوله: (كلمت فلانًا) في (ت): (كلمته).

<<  <  ج: ص:  >  >>