للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب في جواز (١) الخلع، ومنعه

يجوز للرجل أن يأخذ من زوجته مالًا على أن يطلقها، وعلى أن يمسكها فلا يطلق، والأصل في الأول قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]، وفي الثاني قوله سبحانه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨] قالت عائشة - رضي الله عنها - وغيرها من أهل العلم: "ذَلِكَ فِي المرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَنْبُو عَيْنه عَنْها مِنْ دَمَائهٍ، أَوْ كبَرٍ، أَوْ سُوءِ خُلُقٍ فَتكْرَهُ فِراقَهُ، فَإِنْ وَضَعَتْ لَهُ شَيْئًا مِنْ صَداقِها حَلَّ لَهُ" (٢).

واختلف في معنى قوله سبحانه: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: ١٩]. فقيل: "كَانَ أَهْلُ الجاهِلِيَّةِ إِذا مَاتَ الرَّجُلُ، كانَ أَوْلياؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَها، وِإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوها، وِإِنْ شاءُوا عَضَلُوها وَلَمْ يُزَوِّجُوهَا" (٣). وقيل: المعنى: الرجل تكون


(١) قوله: (جواز) في (ح): (دخول).
(٢) أخرجه البخاري ٥/ ١٩٩٨: في باب: إن المرأة خافت من بعلها، من كتاب النكاح، برقم: (٤٩١٠)، ومسلم ٤/ ٢٣١٦: من كتاب التفسير، برقم: (٣٠٢١)، كلاهما عن عائشة بلفظ: (تقول هي أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي) أما اللفظ المذكور أعلاه فلم نقف عليه إلا عند البغوي في تفسيره عن علي بن أبي طالب، انظر: تفسير البغوي: ٢/ ٢٩٥.
(٣) انظر: تفسير البغوي: ٢/ ١٨٥، نزلت الآية في أهل المدينة إذ كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام، إذا مات الرجل وله امرأة جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عصبته فألقى ثوبه على =

<<  <  ج: ص:  >  >>