للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستن به، ولأن ذلك يؤدي لو لم ترث منه إلى سقوط الميراث ممن يتهم، فيقال: هذا لا يتهم وهذا قريب منه في الحال، ومثل هذا لا يتحصل، وقد أحكم الله تعالى في كتابه مثل ذلك في المعتدة من وفاة وهي صغيرة أو يائسة (١)، فأجرى جميعهنَّ على حكم واحد، لئلا يقال: هذه في سن من يخشى منها الحمل، وهذه لا يخشى ذلك منها، وهذه قريبة في السن من هذه، والقائم لنفسه بالنسب معدوم، فحمل الباب بها جميعهن، ولأن الطلاق في المرض مختلف فيه بعد أن يقصد الفرار، فقد يكون الزوج صالحًا وهو ممن يعتقد ذلك أو ممن يقلد من يراه، فكان منع ذلك في جميع الأزواج أحسن، وقد استدل من أوجب الميراث إذا قصد الفرار بهباته وصدقاته أن للورثة شبهة وتعلقًا بالمال حينئذ فيمنعوه من أن يتصرف في ماله إلا على وجه التنمية، وما كان على غير ذلك من الهبات والصدقات والعطايا لم يكن له تنفيذها إلا من رأس المال، وكان فعله موقوفًا فينفذ بعد موته من ثلثه والزوجة وغيرها من الورثة سواء، وإذا تعلق للزوجة شبهة ومنع حسب ما تقدم له لم يصح (٢) أن يخرج من الميراث من له منعه من التصرف في ذلك المال إلا على وجه التنمية لا بطلاق ولا بغيره، ويؤيد ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" (٣)، وإذا منع هذا أن يفر بزكاته بجمع أو تفرقة، وإن لم تكن وجبت حينئذ لما شارف الحول، ووجوب حق المساكين- منع هذا لما شارف الموت من وجوب


(١) فى (ح) و (س): (مسنة).
(٢) في (ح) و (س): (يصلح).
(٣) أخرجه البخاري: ٢/ ٥٢٦، في باب لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع، من كتاب الزكاة، برقم (١٣٨٢)، من حديث أبي بكر - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>