للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى ابن خوازمنداد عن مالك أن محمله في الخيار على طلقة بائنة مثل ما ذكر ابن سحنون عن أكثر أصحابه.

قال الشيخ -رحمه الله-: التخيير والتمليك سواء إلا أنه متعلق بما بعده، وقوله: خيرتك في نفسك أو ملكتك نفسك سواء، بخلاف قوله: خيرتك في أمرك أو (١) ملكتك أمرك، فإن قال: خيرتك في نفسك أو اختاري أو ملكتك نفسك، كان لها أن تبين بنفسها إن شاءت، وذلك يصح بالثلاث أو بطلقة بائنة، ولا يصدق أنه أراد واحدة رجعية؛ لأنه إذا ارتجع لم يصح اختيارها لنفسها. وإن قال: لم أنوِ عددًا، صدق ثم يعود الخلاف بماذا تبين؟ فرأى مرة أنها تبين بالثلاث؛ لأن الواحدة لا تكون بائنة إلا أن يكون معها فداء، ورأى مرة أنها تكون بائنة وإن لم يكن معها فداء.

وقد اختلف فيمن قال: أنت طالق طلاق الخلع، هل يكون ثلاثًا أو واحدة بائنة أو رجعية؟

وقال ابن القاسم في كتاب محمد فيمن خير زوجته فقالت: قد اخترت أمري وقالت: أردت الصلح، فقال: هو صلح لا يراجعها إلا بنكاح جديد (٢). يريد: أنها تكون واحدة بائنة، فإذا صحَّ أن تبين بواحدة إذا أرادت هي ذلك صحَّ أن يكون اختيارها نفسها كذلك؛ لأنَّ الاختيار لا يفتقر إلى عددٍ وإنما يفتقر إلى البينونة، وقياسًا على اختيار الأمة نفسها بعد العتق أنها تبين بواحدة. وإذا قال: اختاري أمرك أو ملكتك أمرك، قبل قوله أنه أراد واحدة؛ لأنَّ التخيير والتمليك إنما جعله لها في أمرها وهو الطلاق، ولو صرح في قوله


(١) في (ح): (و).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٥/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>