للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنقد أم لا، ويمنع إذا شرطا أن المصيبة من البائع، وكان البيع بالنقد؛ لأنه تارة سلف، وتارة بيع.

ويجوز إذا كانت المصيبة من البائع، والبيع بغير نقد.

والأصل في الأول حديث أنس - رضي الله عنه - قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ" (١)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَمرة، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟ " (٢) يريد: إذا بيعت على أن المصيبة على المشتري، فأحب البائع أن يأخذ الثمن بعد أن أجيحت.

وهذا الحديث أصلٌ في كل مبيع لا يتوصل إلى قبضه إلا إلى وقت لا يدرى هل يسلم المبيع إلى ذلك الوقت أم لا؟ لأن البيع على أن المصيبة من المشتري فاسدٌ، ولا يمنع إذا كان بغير نقدٍ، وكانت المصيبة من البائع، لحديث زيد بن ثابت قال: كان الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون الثمار، فإذا جدّ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: أصاب الثمر الدمان (٣)، أصابه مراض، أصابه قُشام -عاهات يحتجون بها- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: "فَإِمَّا لاَ، فَلاَ يَتبَايَعُوا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُ الثَّمَرِ" كَالمَشُورَةِ


(١) أخرجه البخاري: ٢/ ٥٤٢، في باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه وقد وجب فيه العشر أو الصدقة فأدى الزكاة من غيره أو باع ثماره ولم تجب فيه الصدقة، من كتاب الزكاة، برقم (١٤١٧)، ومالك في الموطأ: ٢/ ٦١٨، في باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، من كتاب البيوع، برقم (١٢٨١).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٢/ ٧٦٦، في باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع، من كتاب البيوع، برقم (٢٠٨٦)، ومسلم: ٣/ ١١٩٠، في باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة، برقم (١٥٥٥)، ومالك في الموطأ: ٢/ ٦١٨، في باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، من كتاب البيوع، برقم (١٢٨١).
(٣) الدَّمان: عفن النخلة وسوادها. لسان العرب: (١٣/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>