للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القرطي: إذا تطهرت الحائض بالماء أو بالتيمم حل له ما كان محرمًا منها (١). وقال محمد بن مسلمة في المبسوط (٢): المتيمم يؤم المتوضئين: لا بأس به (٣). قال: لأنه قد تطهر بالتيمم الذي أمره الله -عز وجل- به كما يطهر بالماء الذي أمرهم الله به.

وقال مالك في "الموطأ": ليس الذي وجد الماء بأطهر منه (٤).

وأجمع هؤلاء على أن التيمم يرفع حكم الحدث، وهذا هو الصحيح من القول؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا" (٥) فوصف التيمم بما وصف الله سبحانه به الماء بقوله -عز وجل-: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، ولا وجه للقول أنه تستباح به الصلاة ولا يرفع حكم الحدث، وهذا كلام متنافٍ؛ لأن حكم الحدث إنما يمنع الصلاة، فإذا أبيحت بالتيمم ارتفع الحكم الأول وهو المنع، وقد قال أبو محمد عبد الوهاب في المتوضئ بالماء معنى رفع الحدث: إنما ينوي استباحة كل شيء كان الحدث مانعًا منه (٦).

وهذا كلام صحيح؛ لأن حكم الحدث قبل الوضوء يمنع الصلاة، فإذا توضأ استباحها، وإذا استباحها ارتفع حكم الحدث وهو المنع.


(١) لم أقف على لفظه، قال في النوادر: ١/ ١٢١: (وفي كتاب ابن شعبان: أنَّ له وطأها بِالتَّيَمُّمِ)، وابن القرطي هو ابن شعبان، قال في شجرة النور الزكية: ١/ ٨٠: أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان المصري المعروف بابن القرطي، وذكر له من كتبه (الزاهي) توفي سنة (٣٥٥ هـ).
(٢) قوله: (المبسوط) زيادة من (ش ٢).
(٣) نقله المؤلف عن ابن مسلمة وأصله في المدونة، قال فيها: (وقال مالك في المتيمم يؤم المتوضئين؟ قال: يؤمهم المتوضئ أحب إلي وإن أمهم المتيمم رأيت صلاتهم مجزئة عنهم. . . قال مالك: وان أمهم المتيمم كانت الصلاة مجزئة) انظر: المدونة: ١/ ١٥٠.
(٤) انظر: الموطأ: ١/ ٥٣.
(٥) سبق تخريجه، ص: ٣٧.
(٦) انظر: التلقين: ١/ ١٨، وانظر: المعونة: ١/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>