للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن عبد الحكم: لا ينفسخ بنفس التحالف، وكل واحد منهما بالخيار، فإن لم يرضيا فسخاه بغير حكم (١).

وهو أحسن؛ لأن قصد (٢) كل واحد منهما (٣) بيمينه إثبات دعواه، وألا يؤخذ منه ما لم يقر به إلا أن يكونا عقدا أن تلك الأيمان فسخ، فيكون على ما تراضيا عليه.

وقد تقدم الاختلاف إذا تناكلا هل يفسخ البيع أو يكون القول قول من يبدأ باليمين؟

والأول أصوب؛ لأنَّ كل يمين بدي بها أحد فنكل عنها ثم ردت اليمين فنكل عنه من ردت عليه، فإن الحكم يعود إلى ما كان يجب لو حلف المبدى.

فالحكم إذا بدي البائع فيحلف أنه لم يبع إلا بمائة أن تبقى السلعة بيده ليس يستحق المائة، فكذلك إذا نكل المشتري بعد نكوله تبقى سلعته له حسبما كان لو حلف، ولو كانت التبدية ليستحق المائة لم يحلف المشتري بعد يمينه، وكذلك لو بدي المشتري ثم نكلا لم يكن له أن يأخذ السلعة بخمسين؛ لأنه لم يبدَّ ليأخذها بذلك، وإنما بدي، لئلا يأخذ من ماله ما ادعاه الآخر.

واختلف هل يحلف كل واحد منهما على إثبات دعواه، أو على تكذيب دعوى صاحبه؟

وأرى أن كل واحد منهما بالخيار، فإن أحب البائع حلف أنه لم يبع إلا بمائة احتياطًا، فإن نكل المشتري استحق المائة بتلك اليمين، وإن أحب حلف


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٦/ ٤٠٨.
(٢) في (ت): (نية).
(٣) قوله: (منهما) زيادة من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>