للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه العمل ليس على عمومه، وأنه في بعض التملكات مما يرتفع فيه الغرر أو الضرورة.

وأما البراءة من عهدة الثلاث، أو السنة فهو أخف؛ لأن حمى الرِّبْع من النادر، وكذلك الجنون والجذام والبرص، ولو علم من رجل الصلاحَ والخيرَ. فقال- فيما طال ملكه لم أختبره وما علمت فيه إلا خيرًا، أو باع على البراءة، لجاز في جميع المبيعات، حسبما ذكر عن الضرر الأول.

قال مالك: إن لم يعلم المشتري أنه بيع ميراث أو بيع سلطان حتى استوجبه، كانت له العهدة إلا أن يستفاق لذلك، فَيُخَيَّرُ المشتري إن شاء أخذه بالعهدة، وإن شاء رد مكانه (١).

وأرى إن علم المشتري أنه بيع سلطان أو ميراث، أو جهل أن ذلك بيع براءة، أن تكون له العهدة، ولا أرى أن يبيع السلطان بالبراءة حتى يسأل الذي يباع عليه، هل علم به عيبًا أم لا؟ فإن قال: لا عيب به، ثم قال بعد البيع: علمت فيه ذلك العيب، لم يصدق. وإن لم يسأل عنه ولم يعلم بالعيب، صدق. وإن كان حاضرًا للبيع ولم يسأل ولم يذكر أنه عالم بالعيب، وهو عالم أن البيع بيع براءة إلا ما علمه، لم يصدق وإن كان يجهل أن ذلك بيع براءة، وقال: سكت وأنا عالم بالعيب، بمنزلة لو كنت أنا البائع لنفسي دلست به، يحلف ورد البيع وانتزع من الغرماء الثمن.

وقال ابن القاسم -فيمن اشترى عبدًا من مال رجل قد فلسه السلطان- قال: قال مالك: يرده على الغرماء (٢). وهذا أحد قوليه أنه لم يرَ بيعَ السلطان


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٦/ ٢٤٢.
(٢) انظر: المدونة: ٣/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>