للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ينكر عليه، تصدق بجميع ذلك، هذا قول ابن حبيب؛ لأنه إذا أكراه للسكنى كان من حقه أن يمنعه من بيع الخمر للفساد الذي يدخل عليه من تلويث الدار والجدر، وإذا تركه ولم يمنعه كان قد فسخ الأول في الثاني لأنهما جنسان.

وعلى قوله في "العتبية" يترك له ولا يتصدق به عليه (١)، بل هو في هذا أخف؛ لأن هذا أكرى (٢) كراء صحيحًا فأدخل عليه المكتري (٣) عيبًا فترك مقاله في العيب. قال ابن حبيب: ولو أكراها ممن يبيع فيها الخمر فصرف ذلك إلى السكنى، كان الكراء سائغا للمكري (٤).

يريد: لأن الأول كان غير منعقد بانتقالهما إلى الآخر كابتداء عقد، إلا أن تكون قيمة الثاني أقل، ويقول المكتري: لم أرض فيه المسمى، فيحط عنه ما بين الكراءين؛ لأن الزائد كان ثمن ما لا يحل.

وإن تعدى رجل على دار رجل أو حانوته فباع فيها خمرًا، فإن كان المعتدي نصرانيًّا أخذ منه كراءها.

واختلف إذا كان مسلمًا، فلم ير ابن القاسم له شيئًا؛ لأنه مستغرق الذمة يبيع الخمر. وقال ابن حبيب: له الكراء، إلا ألا يكون له كسب إلا من ثمن الخمر. والأول أحسن، ولا شك أن من هذا شأنه تستغرق ذمته.


(١) انظر: البيان والتحصيل: ٣/ ٣٨٩.
(٢) في (ر): (الكراء).
(٣) في (ت): (للمكتري).
(٤) في (ر): (المكري). انظر: النوادر والزيادات: ٧/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>