للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرى أن يجوز صومه على وجه التطوع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأحد أصحابه: "هَلْ صُمْتَ شَيْئًا مِنْ هَذَا الشَّهْرِ - يعني: شعبان؟ قال: لا، قال: فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ" (١). ولا يجوز على معنى الاحتياط أن يكون من رمضان مع الصحو؛ للحديث في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِيَوْم ولا بِيَوْمَيْنِ. . ." (٢)، ولأن ذلك من الغلو والتعمق في الدين والاحتياط في غيرً موضع شبهة، ويجوز مع الغيم بل يؤمر به على طريق (٣) الوجوب أو الاستحسان، قياسًا على الشك في الفجر مع الغيم، فلم يختلف المذهب أنه لا يكره بل يؤمر به على وجه الوجوب أو الاستحسان، ولا فرق بين السؤالين؛ لأن هذا في الليل بيقين وهو في زمن يجوز فيه الفطر، شاك هل دخل عليه زمن الصوم؟ وهل حرم عليه الأكل؟ وهذا في شعبان بيقين، وهو زمن يجوز فيه الفطر، شاك هل دخل عليه زمن الصوم، وأن يكون السحاب ستر الهلال كما ستر الفجر، والمذهب كله مبني على أنه لا يكره الأخذ بالاحتياط في محرم ومباح، مع وجود الشبهة، وقد أمر مالك الحائض يتمادى بها الدم أن تستظهر بثلاث ثم تصلي وتصوم (٤) قال: ورأيت أن أحتاط لها فتصلي وليست عليها، أحب إلي من أن تترك الصلاة وهي عليها (٥)، فرأى أن تمادي ذلك الدم مشكل هل هو حيض، أو استحاضة؟ وقد كان


(١) متفق عليه, أخرجه البخاري: ٢/ ٧٠٠ في باب الصوم آخر الشهر، من كتاب الصوم في صحيحه, برقم (١٨٨٢)، ومسلم: ٢/ ٨١٨، في باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة, من كتاب الصيام، برقم (١١٦١).
(٢) سبق تخريجه، ص: ٧٧٥.
(٣) في (ش): (جهة).
(٤) انظر: المدونة: ١/ ١٥٢.
(٥) انظر: المدونة: ١/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>