للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله عليَّ أن أصوم شهرًا، فابتدأه للهلال، فكان ذلك الشهر تسعة وعشرين يومًا أجزأه.

واختلف إذا ابتدأ لغير الهلال، فقال في المدونة: يصوم ثلاثين يومًا (١)، وقال محمد بن عبد الحكم: القياس أن تجزئه تسعة وعشرون يوما، فليس عليه إلا أقل الشهور عدة، كما لو قال: لله علي أن أصوم أيامًا (٢)، كان عليه أقل الأيام؛ وهي ثلاثة، قال: وكذلك لو قال: صدقة دراهم.

قال الشيخ - رضي الله عنه -: وهذا أحسن للسنة والقياس، وهو أيضًا أحد قولي مالك، فأما السنة فحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "آلَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا فَاعْتَزَلهنَّ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ثُمَّ نَزَلَ، فَقِيلَ لَهُ: آلَيْتَ شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَقَمْتَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا؟ فقال: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا" (٣).

وأما القياس، فلأن كون الشهر تسعة وعشرين يومًا ليس بنادر، ونقصان شهور السنة متساويًا أو متقاربًا لتمامها، فلم يكن إلزامه أحدهما أولى من الآخر، وقياسًا على قول مالك فيمن قال: لله عليَّ هدي، فإن الشاة تجزئه (٤)، والشاة أقل الهدايا، وللهدايا أعلى وأدنى، فأعلاها البدن، وأدناها الغنم، فإن لم يلزمه أعلى الهدايا لم يلزمه أتم الشهور.

وإن قال: لله عليَّ أن أصوم نصف شهر، فإن ابتدأ أول الهلال صام خمسة


(١) انظر: المدونة: ١/ ٢٨١.
(٢) في (س): (يومًا).
(٣) أخرجه البخاري: ١/ ١٤٧، في باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، من كتاب الصلاة في صحيحه، برقم (٣٧١).
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>