للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدماه (١)، ولم يجاوز باعتكافه عشرة أيام؛ إلا عندما رفعت ليلة القدر. والظاهر أنه زاد ليلة، ولنا فيه أسوة حسنة.

وإن نذر فوق ذلك لزمه الوفاء به ما لم يطل (٢) ذلك مما يرى أنه يضر بنفسه ضررًا بينًا فيرد الزائد على ما كان يجوز أن ينذره، لحديث سعد قال: "رَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ" (٣).

وكره مالك في المدونة اعتكاف ما دون العشر (٤). وقال في العتبية: ما أعرف اعتكاف يوم أو يومين من أمر الناس. وقال أيضًا: لا بأس به (٥). وهو أبين؛ لحديث عمر، والآخر استحسان وترغيب في الخير.

واختلف إذا نذر اعتكاف يوم، هل يلزمه أن يعتكف ليلة ذلك اليوم، أو يجزئه ذلك من طلوع الفجر؟ واختلف أيضًا إذا نذر اعتكاف ليلة، هل يجزئه يوم وليلة، أو يسقط نذره فلا يلزمه شيء؟ فقال ابن القاسم: إذا نذر اعتكاف يوم أو اعتكاف ليلة - يلزمه أن يعتكف يومًا وليلة، وساوى بين السؤالين. وقال سحنون في كتاب ابنه: إن نذر اعتكاف ليلة لم يلزمه شيء، وإن نذر اعتكاف يوم لزمه أن


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٤/ ١٨٣٠، في باب تفسير سورة الفتح، من كتاب التفسير في صحيحه، برقم (٤٥٥٦)، ومسلم: ٤/ ٢١٧١، في باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، من كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، برقم (٢١٨٩).
(٢) في (س): (يصل).
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٥/ ١٩٥٢، في باب ما يكره من التبتل والخصاء، من كتاب النكاح في صحيحه، برقم (٤٧٨٦)، ومسلم: ٢/ ١٠٢٠، في باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، من كتاب النكاح، برقم (١٤٠٢).
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٢٩٧.
(٥) انظر: البيان والتحصيل: ٢/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>