للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: مقتضى اللفظ لغة ووضعاً. والمشهور أن هذه الأمور على ما ذكرناه من الترتيب.

وقيل: ينتقل عند عدم السبب والبساط إلى وضع اللغة، ولا يعتبر العرف. وقال الشيخ أبو الطاهر: ((إذا فقدت النية والبساط، فهل يحمل اللفظ على مقتضاه لغة، أو مقتضاه عرفاً، أو متقضاه شرعاً إن كان له مقتضى في الشرع يخالف الأمرين؟ في ذلك ثلاثة أقوال)). قال الشيخ أبو الوليد: ((هذا كله فيما كان من ذلك مظنوناً) قال: ((فأما ما كان معلوماً كقوله: والله لأقودن فلاناً كما يقاد البعير، ولأعرضن على فلان النجوم في القايلة، وشبه هذا، فهذا يعلم أن القصد به خلاف اللفظ)). قال: ((فلا خلاف في أنه يحمل على ما علم من مقصده به)). هذا تمام المقدمة، ولنشرع بعدها في الركنين.

الركن الأول: في تنزيل مسائل أهل المذهب على ما قدمناه ذكره من الأمور، ويشتمل على أنواع:

النوع الأول: النظر إلى المقاصد، أو إلى السبب المحرك لليمين، كمن حلف: لا ساكن إنساناً، فإنه ينتقل عن مساكنته حتى ينتقل حاله عن الحالة الأولى التي كانا عليها، فإن كان معه أولاً في دار واحدة انتقل عنها، فإنه ضرب بينهما حائطاً حتى تصير دارين ببابين إلى سكتين، فقال ابن القاسم في الكتاب: ((قال مالك: ما يعجبني، وكرهه)). قال ابن القاسم: ((ولا أرى أنا به بأساً، ولا أرى عليه حنثاً)). ولو صار أحدهما في علو الدار، والآخر في السفل، فلا حنث. وقال ابن القاسم: ((إن أراد التنحي عنه جملة، فهو أشد، وإن اراد لما يدخل بين العيال، فهو أخف) يريد: في القرب والبعد. ولو كانا في بيت واحد، فانتقلا إلى بيتين في دار، لم يحنث، وإن كانا في حارة واحدة انتقل عنها.

ولو لم يكن بينهما تجاور في دار ولا حارة، بل كانا في بلد واحد، وظهر أنه قصد الانتقال عنه انتقل عنه، وهل يكفيه الانتقال عنه إلى مكان لا يلزمه إتيان الجمعة منه أو لابد من مسافة قصر الصلاة؟ قال محمد: القياس الأول، والثاني استحسان.

ولو حلف ليسافرن، فالنص أنه يسافر مقداراً تقصر فيه الصلاة. وقال الشيخ أبو الطاهر: ((وهذا مقتضى اللفظ شرعاً، ولو نظر إلى مقتضى اللفظ وضعاً لكفاه أقرب سفر. أو إلى المقاصد العرفية لاعتبر ما يسميه الناس في ذلك القطر سفراً عرفاً)).

<<  <  ج: ص:  >  >>