للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلمها للموهوب له، أو دبرها أو كاتبها أو استولدها جاز جميع ذلك؛ لأنه تصرف في ملكه، ولكن لما كان العقد فاسداً فلا يحل له وطؤها؛ لأن الوطء لا يباح بصريح التسليط فكذلك لا يستباح به دلالة. وإذا تعذر رد عينها بعد اكتشاف فساد العقد فيلزم المشتري رد قيمتها لا الثمن الذي اشتراها به؛ لأن الفاسد من العقود يلزم فيه القيمة مهما بلغت. وهذا بناء على قاعدة عند الحنفية وهي: (إن البيع الفاسد ينعقد موجباً للملك إذا اتصل به القبض) (١).

وقد خالف الشافعي رحمه الله في هذه المسألة إذ يرى: أن العقد الفاسد لا ينعقد موجباً للملك، ويرى في هذه المسألة أن تصرفات المشتري شراءً فاسداً كلها باطلة وعليه فيبطل جميع تصرفه في الجارية وعليه ردها إلى البائع مع ضمان نقصانها إن نقصت، وإن استولدها فالولد حر للشبهة. واختلفوا في وجوب الحد على المشتري إذا وطئ الجارية في شراء فاسد (٢).

تعليق: سبب الخلاف أن الحنفية يفرقون بين الفساد والبطلان فالعقد الفاسد عندهم ما فقد شرطاً من شروط صحته وليس ركناً من أركانه، والباطل ما اختل فيه ركن من أركان البيع كبيع الميتة والخنزير والمجهول.

وأما عند الشافعية فالباطل والفاسد مترادفان ومعناهما واحد وهو العقد الذي لا يثمر المقصود منه سواء فقد شرطاً من شروط صحته أو ركناً من أركانه.


(١) نفس المصدر جـ ١٣ ص ٢٢ فما بعدها.
(٢) روضة الطالبين جـ ٣ ص ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>