للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي رسم شك من السماع المذكور: كره مالك أن يسمى الرجل بجبريل ولَمْ يعجبه وتلى: {إِن أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} الآية [آل عمران: ٦٨]. ابن رشد: لأنه سبب لأن يقول جاءني البارحة جبريل ورأيت جبريل، وأشار علىّ جبريل بكذا، وهذا من الكلام المستشنع.

وفي الحديث: " لا تسم غلامك رباحاً ولا أفلح ولا يساراً، أو قال بشيراً (١) ": يقال (٢): ثم فلان؟ فيقال: لا، فأحرى هذا وليس شيء من ذلك حراماً، ولكن تركه أحسن، وجاء بالآية حضّاً على الاقتداء بهم في ترك التسمية بذلك. انتهى. فقول ابن عرفة: روى الباجي: لا ينبغي بجبريل (٣)، قصور. وفي سماع أشهب لا ينبغي بياسين.

ابن رشد: للخلاف في كونه اسماً لله تعالى أو للقرآن، أو هو بمعنى إنسان.

ابن عرفة: مقتضى هذا التعليل الحرمة.

وفي " الإكمال ": [٣٦ / أ] كرهها الحارث بن مسكين بأسماء الملائكة. وفي " المدارك ": تقدم رجل لخصومة عند الحارث بن مسكين (٤)، فناداه رجل باسمه إسرافيل. فقال له الحارث: لَمْ تسميت بهذا الاسم وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " لا تسموا بأسماء الملائكة " (٥) فقال: ولَمْ سمي مالك بن أنس بمالك؟ وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧] ثم قال: لقد تسمى الناس بأسماء الشياطين فما عيب ذلك - يعني الحارث اسمه؛ فإنه يقال هو اسم إبليس -.

ابن عرفة: يرحم الله الحارث في سكوته والصواب معه؛ لأن محمل النهي في الاسم


(١) أخرجه مسلم برقم (٢١٣٦)، كتاب الأدب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة وبنافع ونحوه.
(٢) في (ن ٣): (فقال).
(٣) انظر: المنتقى، للباجي: ٩/ ٤٥٥.
(٤) الحارث بن مسكين، رأى الليث وسأله، وتفقه بابن وهب، وابن القاسم، أثنى عليه أحمد، وقال ابن معين: لا بأس به، توفي سنة ٢٠٥ هـ. انظر: الثقات، لابن حبان: ٨/ ١٨٢، وتذكرة الحفاظ، لابن طاهر القيسراني: ٢/ ٥١٤، وسير أعلام النبلاء، للذهبي: ١٢/ ٥٤، طبقات الحفاظ، للسيوطي: ١/ ٢٢٨.
(٥) أخرجه البيهقي في سننه برقم (٨٦٣٨) باب في حقوق الأولاد والأهلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>