للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولاً واحداً؛ لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: ٩١]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: ٧٥]، {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧]، وقوله - عليه السلام -: " من نذر أن يطيع الله فليطعه " (١) وإن كان لَمْ ينص في " المدونة " وغيرها على التفرقة في هذا بين النذر واليمين؛ فالوجه عندي حمل هذه المسائل على اليمين دون النذر، وإنما يستويان في صدقة الرجل بجميع ما يملك من المال؛ لقوله عليه السلام لأبي لبابة وقد نذر أن ينخلع من جميع ماله: " يجزيك الثلث من جميع ذلك " (٢). انتهى مختصراً (٣).

وقد قبله ابن عبد السلام وابن عرفة، وبه يفسر كلام المصنف هنا.

أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ.

قوله: (أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ) ما للمدونة فيه واللخمي وابن عبد السلام معروف (٤). قال ابن عرفة: ونذر شيء لميت صالح معظم في نفس الناذر لا أعرف فيه نصاً، وأرى إن قصد مجرد كون الثواب للميت تصدق به بموضع الناذر، وإن قصد الفقراء الملازمين لقبره أو زاويته تعيّن لهم إن أمكن وصوله لهم.

أَوْ مَالُ غَيْرٍ، إِنْ لَمْ يُرِدْ إِنْ مَلَكَهُ، أَوْ عَلَيَّ نَحْرُ فُلانٍ ولَوْ قَرِيباً، إِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ، أَوْ يُنَوِّهُ أَوْ يَذْكُرْ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ، والأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ كَنَذْرِ الْحَفَاءِ أَوْ حَمْلَ فُلانٍ إِنْ نَوَى التَّعَبَ، وإِلا رَكِبَ وحَجَّ بِهِ بِلا هَدْيٍ، وأَلْغَى عَلَيَّ الْمَسِيرُ، والذِّهَابُ، والرُّكُوبُ لِمَكَّةَ، ومُطْلَقُ الْمَشْيِ ومَشْيٌ لِمَسْجِدٍ، وإِنْ لاعْتِكَافٍ، إِلا لِقَرِيبٍ جِدَّاً فقَوْلانِ تَحْتَمِلُهُمَا ومَشْيٌ لِلْمَدِينَةِ، أَوْ إِيلْيَاءَ إِنْ لَمْ يَنْوِ صَلاةً بِمَسْجِدِهِمَا، أَوْ يُسَمِّهِمَا، فَيَرْكَبُ. وهَلْ إِنْ كَانَ بِبَعْضِهَا، أَوْ إِلا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ؟ خِلافٌ، والْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكْةُ.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٣١٨)، كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، والترمذي برقم (١٥٢٦) كتاب النذور والأيمان، باب من نذر أن يطيع الله فليطعه.
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (٦٦٥٨) من حديث أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه.
(٣) انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: ٣/ ٢٠٩، وما بعدها، وهي مسألة طويلة قال ابن رشد: (.. وهي نحو خمسين مسألة ..)، وقد وقعت في رسم البراءة لا رسم إن أمكنني كما أشار المؤلف.
(٤) قال في التاج والإكليل في الاستدال بما للمدونة مما عناه المؤلف: (. . . من قال لله علي إن أنحر بدنة أين ينحرها؟ قال: بمكة قلت: وكذلك إذا قال: لله علي هدي؟ قال: ينحره أيضا بمكة. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: لله علي أن أنحر جزوراً. أين ينحره؟ أو لله علي جزور أين ينحره؟ قال: ينحره في موضعه الذي هو فيه) انظر: التاج والإكليل، للمواق: ٣/ ٣٤٠، وانظر: المدونة، لابن القاسم: ٢/ ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>