للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا تقرر هذا وأمكن حمل كلام المصنف عَلَيَّ الضربين كان أولى ولو بنوع تجوّز وتغليب، وربما تستروح من كلامنا عَلَى ألفاظ بعد هذا ما يزيدك بياناً [في ذلك] (١). وبالله تعالى سبحانه أستعين.

إِلا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ سِجْنٍ أَوْ قَيْدٍ.

قوله: (إِلا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا) لا مرية أن هذا الاستثناء راجع للقول، كقول المكْرَه: أنت طالق، يريد من وثاق أو يريد وجعه بالطلق وهو المخاض، وأما الفعل بضرْبَيْه فلا يمكن التورية فِيهِ؛ لما علمت من كلام القرافي وابن عبد السلام فوق هذا.

أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلأٍ، أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ. وهَلْ إِنْ كَثُرَ؟ تَرَدُّدٌ، لا أَجْنَبِيٍّ، وأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ، وكَذَلِكَ الْعِتْقُ، والنِّكَاحُ، والإِقْرَارُ، والْيَمِينُ، ونَحْوُهُ. وأَمَّا الْكُفْرُ، وسَبُّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقَذْفُ الْمُسْلِمِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ كَالْمَرْأَةِ لا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا، إِلا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا، وصَبْرُهُ أَجْمَلُ.

قوله: (أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ [بِمَلأٍ] (٢)) كذا لابن رشد قال ابن عرفة: يريد يسيره، وأما كثيره فإكراه مطلقاً وقوله: (بِمَلأٍ) كذا فِي " الجواهر " (٣) وأغفله ابن عرفة.

قوله: (كَالْمَرْأَةِ لا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا، إِلا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) نصّها فِي كتاب الإكراه من " النوادر ": قال سحنون: فِي كتاب: " الشرح " - المنسوب لابنه - فِي امرأة خافت عَلَى نفسها الموت من الجوع أو العطش، فقال لها رجل أعطي ذلك عَلَى أن أطأك، فإن خافت الموت وَسِعَها ذلك؛ لأن هذا إكراه وليست كالرجل يكره عَلَى الزنا؛ لأنه لا يطأ من خاف عَلَى نفسه الموت، وليس إكراهه فِي ذلك إكراهاً، وأنكر أبو بكر بن اللباد قوله فِي المرأة وقال: يشبه نكاح المتعة. والله تعالى أعلم (٤). انتهى.


(١) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن ١)، و (ن ٢)، و (ن ٣).
(٢) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن ٤).
(٣) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: ٢/ ٥١٩، ونصه: (والتخويف لذي المرءوة بالصفع في الملإ إكراه).
(٤) انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: ١٠/ ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>