للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الثاني: فأشار به لما لخصّ في " التوضيح " من نقل ابن عبد السلام عن أبي حفص العطار عن أبي موسى بن مناس: " أن معظم الحيضة اليوم الأول والثاني؛ لأن الدم فيهما يكون أكثر اندفاعاً من باقي الحيضة وإن كثرت الأيام والدم القوي هو الذي يدفع ما في الرحم لا الرقيق ". انتهى. فالضمير في قوله: (أكثرها) يعود على الحيضة التي اعتادتها الأمة، من باب عندي درهم ونصفه والمراد: أكثرها دماً وأقواها اندفاعاً.

فإن قلت: لم حملته على هذا، ولم تحمله على أكثر الأيام ولا على ما هو أعمّ؟؛ حتى يبقى الأكثر قابلاً لقول أبي بكر وأبي موسى.

قلت: لو لم يكن الداعي إلى هذا المحمل إلا مطابقة المختصر للتوضيح لكان كافياً. وقال ابن عرفة: قال محمد: إن تأخر عن البيع ما يستقلّ حيضاً كفى ما لم يتقدم أكثر منه، قال: ولا نصّ إن تساويا، ومفهوما " المدونة " فيه متعارضان، والأظهر لغوه، ونقل أبو حفص العطار عن " المدونة " لفظ أول الحيضة وعظمها قال: واعتبر المعظم أبو موسى بن مناس بكثرة اندفاع الدم وهو دم اليومين أولاً، لا ما بعدهما، وإن كثرت أيامها، واعتبره أبو بكر بن عبد الرحمن بكثرة الأيام، وليس بصواب.

ابن عرفة: هو ظاهر " المدونة " مع " المَوَّازِيِّة "، ففي " المدونة " قال مالك: ومن ابتاع أمة في أول الدم أجزأه من الاستبراء، وأما في آخره وقد بقي منه يوم أو يومان فلا (١)، وفي " المَوَّازِيِّة " على رواية " النوادر " إن لم يبق من حيضتها إلا يومان لم يجزه، وإن بقي أيام [٦١ / أ] قدر ما يعرف أنها حيضة أجزأه (٢). وليس في " المدونة " لفظ عظمها، والأصوب اعتبار الأيام ما لم يقلّ دمها.

وتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وعَلَيْهِ الأَقَلُّ.

قوله: (وتُؤُوِّلَتْ (٣) عَلَى وُجُوبِهِ) إنما لم يقل أيضاً اكتفاءً بمفهوم قوله: (وعليه الأقل).


(١) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ٢/ ٤٥٩.
(٢) انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: ٥/ ١٣.
(٣) تؤولت) أي: المدونة، ونصها: (ومن وطئ جارية ابنه فقومت عليه، فليستبرئها إن لم يكن الأب قد عزلها عنده فاستبرأها. وقال غيره: لا بد أن يستبرئها لفساد وطئه، وإن كانت مستبرأة عند الأب) انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: ٢/ ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>