للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجز بيعه بالدراهم ونحوها مما هو مخالف لجنسه خشية الوقوع فِي الغرر؛ لأنه عدل به عن غير مكياله، فكيف يجوز بيعه وَزناً بما يمتنع التفاضل بينه وبينه وهو دقيقه.

وذكر ابن عرفة نحو هذا عن بعض شيوخه وقال: كنت أجيبه بأنه فِي البيع غرر؛ لأن المعروف فيه الكيل والموزون منه مجهول القدر، فيؤدي إلى جهل قدر المبيع، وفِي المبادلة بين القمحين إنما المقصود اتخاذ قدر ما يأخذ وما يعطي، وهو حاصل فِي الوزن؛ ولذا أجازه اللَّخْمِيّ إذا كانت المماثلة تجوز بالكيل والوزن.

تنبيه:

ذكر الباجي عن " الموازية ": أن القمح بالدقيق يجوز بالرّزم كيلاً قال القباب: يعني أن الدقيق يرزم فِي المد، ويظهر أن هذا القول مشكل لاختلاف الرزم، وقد منعوا الكيل رزماً [للغرر فِي البيع] (١) فكيف بهذا؟. انتهى. وقد سبق ابن عبد السلام لاستشكاله فقال: وفيه نظر؛ لأن البيع بالرزم مكروه، ولو كان بالمخالف فِي الجنس فكيف بهذا؟ وقال ابن عرفة: إن أراد ابن عبد السلام كراهة تنزيه فهو تمسك منه بظاهر سماع ابن القاسم تركه أحبّ إليّ، وابن رشد حمله على الوجوب. قال: وكذا وجدته هنا رزماً بزاي بعد الراء، ويحتمل كون اللفظة (ردماً) بدال بعد الراء، والردم السدّ قاله الجوهري، فيكون مطلق الصب (٢).


(١) في (ن ١): (في الغرر للبيع).
(٢) قلت: وفي لسان العرب: (رَزَمَ الشيء يَرْزِمه ويرزمه رَزْماً ورَزَّمه: جمعه في ثوب، وهي الرِّزْمة أَيضاً لما بقي في الجُلَّةِ من التمر، يكون نصفها أَو ثلثها أَو نحو ذلك. وفي حديث عمر: أَنه أَعطى رجلاً جَزائرَ وجعل غرائرَ عليهن فيهن من رِزَمٍ من دقيق، قال شمر: الرِّزْمة قدر ثلث الغِرارة أَو ربعها من تمر أَو دقيق. قال زيد ابن كَثْوة: القَوْسُ قدر ربع الجُلَّة من التمر، قال: ومثلها الرِّزْمة. ورازَمَ بين ضَرْبين من الطعام)، انظر: لسان العرب: ١٢/ ٢٣٨، ورزم الشيء جمعه، فعلى هذا فلفظة الرزم أشبه هنا من الردم التي رجّحها ابن عرفة، وأقرّه عليها المؤلف، والسماع المذكور في: البيان والتحصيل، كتاب البيوع، من سماع ابن القاسم، من رسمٍ أوله أخذ يشرب خمراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>