للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو قول سحنون والآخر لمطرف، وهذه المسألة تسمى: إيداع الشهادة (١). انتهى (٢).

فإن قلت: مسألة الذي أشهد أنّه يقوم بالبينة ولم يعلن [٨٦ / ب] إشهاده أعمُّ من أن يكون لدد خصمه بالإقرار سرّاً والجحود علانية أو بغير ذلك، فالثانية مندرجة فِي الأولى؟

قلت: هو كذلك، ولو قصدنا أن نحمل كلامه فِي " مختصره " عَلَى محاذاة " توضيحه " لحملنا الثانية عَلَى أنّه لَمْ يشهد فِي السّر أنّه يقوم بالبينة، ولكن بمجرد الإقرار الذي يستدعيه منه بالتأخير (٣)، فيكون ذلك أبعد من التداخل، وقد قال ابن عرفة: ولو صالحه عَلَى تأخيره سنة بعد أن أشهد بعد لشهادة عَلَى إنكاره أنّه إنما صالح ليقرّ له بحقّه ففي لزوم أخذه بإقراره ولغو صلحه عَلَى تأخيره ولغو إقراره ولزوم صلحه بتأخيره نقلا ابن يونس عن سحنون وابن عبد الحكم قائلاً: الأول أحسن والظالم أحقّ أن يحمل عَلَيْهِ.

ابن عرفة: وعَلَيْهِ عمل القضاة والموثقين، وأكثرهم لَمْ يحك عن المذهب غيره، وحكى المتيطي عن ابن مزين عن أصبغ: لا ينفع إشهاد السر إِلا عَلَى من لا ينتصف منه كالسلطان أو الرجل القاهر، ولم يذكر الثاني، فالأقوال ثلاثة، وعَلَى الأول حاصل حقيقة الاسترعاء عندهم وهو المسمى فِي وقتنا إيداعاً هو إشهاد الطالب أنّه طلب فلاناً وأنّه أنكره وقد علم إنكاره بهذه البينة أو غيرها، وأنّه مهما أشهد بتأخيره إياه بحقّه أو بوضيعة شيء منه أو بإسقاط بينة الاسترعاء فهو غير ملتزم لشيء من ذلك، وأنّه إنما يفعله ليقرّ له بحقّه، وشرطه تقدمه عَلَى الصلح، فيجب تعيين وقته بيومه وفِي أي وقتٍ هو من يومه؛ خوف اتحاد يومهما. فإن اتحد دون تعيين جزء اليوم لَمْ يفد استرعاؤه.


(١) قال ابن القيم: (صورتها: أن يقول له الخصم لا أقر لك حتى تبرئني من نصف الدين أو ثلثه، وأشهد عليك أنك لا تستحق عليّ بعد ذلك شيئاً، فيأتي صاحب الحق إلى رجلين فيقول: اشهدا أني على طلب حقي كله من فلان، وأني لم أبرئه من شيء منه وأني أريد أن أظهر مصالحته على بعضه وقال بالصلح إلى أخذ بعض حقي، وأني إذا أشهدت أني لا أستحق عليه سوى ما صالحني عليه فهو إشهاد باطل، وأني إنما أشهدت على ذلك توصلاً إلى أخذ بعض حقي) انظر: إعلام الموقعين، لابن القيم: ٤/ ٣٠.
(٢) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: ٨/ ٥٦٢.
(٣) في الأصل، و (ن ٢): (بالتخير).

<<  <  ج: ص:  >  >>