للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يطهره بالماء غيره فيقال: قد تطهر وهو مطهر.

فإن قيل: إنما اراد الله -تعالى - بالمطهر الذي قد ارتفعت درجته، كقوله في عيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}،؛ أي مبعدك من هؤلاء الأنجاس، فكذلك أراد الملائكة ههنا، لأنهم مميزون ممن يلحقهم التنجيس والتطهير.

قيل: فينبغي أن يكون هذا فضيلة للقرآن؛ لأنه قال: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فلا ينبغي أن يمسه منا إلا طاهر؛ لأن التنبيه على فضيلته يوجب ذلك.

فإن قيل: نحن إذا جعلنا قوله: {لَا يَمَسُّهُ}، خبراً لا يجوز أن يوجد بخلاف مخبره حملنا على الحقيقة إذا كان خبراً عن الملائكة في اللوح المحفوظ، وأنتم تجعلونه للنهي بغير دليل.

قيل: نحن جعلناه بدليل؛ لأنه لو كان خبراً لم يفد؛ لأننا قد علمنا أنه ليس في الملائكة غير طاهر، ولا أحد ممن يمس اللوح المحفوظ غير طاهر، فلا فائدة في قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}، إذا حمل على الملائكة.

وأيضاً فإن التنبيه على عظم منزلته يوجب ألا يمسه إلا من عظمت حرمته؛ لأنه تنزيل من رب العالمين، وقد نزل إلينا فلا ينبغي أن نمسه إلا على أكمل أحوالنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>