للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} فيجب أن يكون في استحقاق العقاب كذلك بأن لا يشترط الفعل القبيح.

قلت: أما قوله تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} أخبر عن النهي أي المنع وهو فعل، وكذلك الانتهاء الذي يستحق به الثواب عبارة عن ترك الفعل القبيح شرعًا، وترك الفعل فعل لما فيه من استعمال أحد الضدين كالسكون يكون تركه بالحركة وهو فعل.

وحاصله أن موجب النهي الانتهاء وهو الامتناع عن المباشرة، ثم إن دعته نفسه إلى المباشرة يلزمه الترك والترك فعل منه فيثاب به، فكان مثابًا بالفعل، وإن كان الانتهاء قد يتحقق بدون الترك الذي هو الفعل.

ألا ترى أنا لامتناع الذي به يتحقق الانتهاء يستغرق جميع العمر، والترك الذي هو فعل لا يستغرق، فإنه قبل أن يعمل به يكون منتهيًا بالامتناع منه، ولا يكون مباشرًا للفعل الذي هو ترك الإتيان به، فإن ذلك لا يكون إلا عن قصد منه بعد العلم به.

وبيان هذا أن الصائم مأمور بترك اقتضاء الشهوتين في حال الصوم فلا يتحقق منه هذا الفعل ركنًا للصوم حتى يعلم به ويقصده، والمعتدة ممنوعة من الخروج والتزوج والتطيب، وذلك ركن الاعتداد، ويتم ذلك وإن لم تعلم به

<<  <  ج: ص:  >  >>